كما هو متوقع ومنتظر، بدأت الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا تتلمس تداعيات مخططاتها العدوانية وعقوباتها المالية والاقتصادية بحق روسيا، ونتائج تحريضها النظام الأوكراني على الاستمرار في تعنته ورفضه الحلول السياسية التي تضمن حياد بلاده وعدم انخراطها في تحالفات عسكرية معادية لموسكو، وليس مستغرباً أن يكون رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون – التابع الذليل لواشنطن – أول ضحايا السياسة الأميركية التي قادت أوروبا إلى هذه الأزمة المفتعلة، فالمظاهرات الشعبية المطالبة باستقالته عمّت العاصمة البريطانية لندن وعدد من المدن الأخرى وذلك في إطار الاحتجاج على الارتفاع الكبير في أسعار الغاز والكهرباء .
من الواضح أن ردود الفعل الروسية القوية والذكية على التصرفات الغربية المعادية لها لم تكن في حسبان القادة الأوروبيين، وخاصة قرار بيع النفط والغاز الروسيين بالروبل، وهو ما وضعهم في مواقف محرجة أمام شعوبهم التي لا تحتمل هزات اقتصادية إضافية شديدة الوطأة بعد أشهر قليلة من محاولات التعافي الاقتصادي من تداعيات انتشار جائحة كورونا، إذ ليس باستطاعتهم تعويض النقص الكبير في إمدادات الطاقة إذا ما ركبوا رؤوسهم ومشوا خلف البوم الأميركي الذي بات دليلهم نحو الخراب.
الولايات المتحدة المأزومة بتصرفات بايدن وتصريحاته وقراراته المطعمة بخرف سياسي لن تستطيع إنقاذ أوروبا من محنتها الاقتصادية القادمة، إذ يلزم الأخيرة خمس سنوات على أقل تقدير كي تستغني عن إمدادات الطاقة الروسية التي تشكل ما بين 40 إلى 50 % من احتياجاتها، ولن تستطيع كمية المليون برميل نفط التي وعد بضخها بايدن خلال ستة أشهر قادمة تجنيب أوروبا كارثة اقتصادية متوقعة.
لا حل أمام أوروبا ولا خروج لها من هذا المأزق الكبير إلا بحوار حقيقي مع روسيا حول كل النقاط الخلافية بعيداً عن الاملاءات والأجندات والمخططات الأميركية التي تعتاش على الحروب والأزمات، وإيجاد تسوية سلمية للنزاع الدائر والاستجابة الفورية لما يقلق سيد الكرملين، وإلا فإن الأزمة الأوكرانية ستحرق مشعليها وستغرق القارة العجوز بأزمات لا تستطيع احتمالها..!
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود