الثورة – هفاف ميهوب:
كلّما تأمّلت في الحياة، وفي تصرفات البشر الذين يشاركوننا إياها، ولاسيما الذين يحيطون بنا، تذكّرت عنوان كتاب المحاضر والكاتب السويدي “توماس إريكسون”: “محاطٌ بالحمقى”.
لاأتذكّر هذا العنوان، فقط لشعوري بأن غالبية من باتوا يحيطون بنا حمقى، بل لأنني أرى في سلوكهم الغريب وغير المفهوم، مايجعلني أؤيده في رؤيته بأن “السلوك الإنساني أمرٌ في من منتهى الصعوبة”.. ذلك إن الوصف قد يختلط لدينا، ونعجز عن إطلاقه صائباً، فنقيّم الشخص الذي نشعر بغرابة تصرفاته، أو اختلافها وبُعدها الكبير عما يُفترض أن تكون عليه، بأنه غبي أو شاذ أو جاهل أو مختل أو أحمق..
إنه شعورٌ يدفعنا للتوقف، لدى المبرّر الذي ردّه “إريكسون”، إلى انعدام وجود نظام مثالي، وإلى ضرورة فهمنا لهذه النماذج من البشر، وذلك عن طريق دراسة أنماطها، ومعرفة أساسيات التواصل بينها..
حتماً، كثرٌ سيقولون بأنهم غير مضطرّين لفعل ذلك، وكثرٌ لن يضطرّوا لأنهم بحاجة لفهم أنفسهم قبل فهم الآخرين، مع نفي كلّ واحد من هؤلاء، إمكانية كونه يمتلك ولو صفة واحدة، من الصفات التي ذكرناها…
يبدو بأن علينا جميعاً الكفّ عن الاستفسار، عن سبب تفشّى هذه الظاهرة، فالبشر كلّهم وعلى رأي “إريكسون”: “كائنات معقدة للغاية، ولا يمكن فهم سلوكياتهم بشكلٍ تام وكامل، فمهمّة فهم السلوك الإنساني، مسعى لا نهاية له، لمعرفة ما يقبع وراء خيارات الشخص من أسبابٍ ومسببات.. من السهل ومن الخطير أيضاً، أن تقوم بتصنيف شخص يتصرف بطريقة مختلفة عنك، لكن عالم اليوم يتطلّب فهماً أكثر تطوراً، نقوم على أساسه بتقييم الشخص، وفق نقاط قوّته أو ضعفه..”..
أعقّب هنا قائلة: لم ولن يتطور العالم، لطالما تفاقمت أعداد الأغبياء والمجانين والحمقى فيه، وباتوا من يقيّم نقاط ضعف كلّ منهم أو قوّته…
السابق