ربّ همّة أحيت أمّة

قول تستدعيه الحالة العامة والمزاج الذي يحكم قطاعات واسعة من مجتمعاتنا بحكم الظروف القاسية التي تمر بها بلداننا والضغوط الاقتصادية والمعيشية والنفسية التي تعكس نفسها على الجميع ما يدفع الكثيرين إلى اليأس والإحباط والانكفاء والسلبية والنظرة السلبية والمتشائمة للحياة، ولعمري أن هذه الحالة هي من أخطر ما تواجهه مجتمعاتنا في الوقت الحاضر.

إن التفكير السلبي والنظرة المتشائمة وقراءة ورؤية القسم الفارغ من الكأس مسألة غاية في الخطورة ولاسيما عندما تتحول إلى ظاهرة عامة بل لنقل ثقافة وشعور عام وهو ما نرى ملامحه حاضرة في مجتمعنا نتيجة للظروف الموضوعية التي مرت بها البلاد خلال أكثر من عشر سنوات وما تعرض له السوريون من استهداف ممنهج لكل مظاهر حياتهم الخاصة والعامة وما لحق بالبلاد من دمار وخراب وإجرام غير مسبوق ترك جراحاً عميقة وندوباً في الجسد الوطني السوري وأحدث شروخاً لا يمكن إنكارها أو تجاهلها على الاطلاق ومع الإقرار بتلك الحقائق والاعتراف بها يبقى السؤال المهم هل من المصلحة الوطنية ومستقبل البلاد ومنطق الأشياء والتاريخ رفع الراية البيضاء والاستسلام للواقع وهل انتهت وأغلقت نوافذ الأمل وبالتالي أليس من بقعة ضوء في نهاية النفق؟ أسئلة مهمة يجب أن تطرح في ساحة النقاش والجدل والحوار المجتمعي والسجالات الثقافية والتأكيد على أهمية مواجهة تلك التيارات والطروحات التي تعمل على إدخال السوريين في حالة من اليأس والإحباط والنظرة السلبية للواقع وتكريس الهزيمة النفسية وما يستجره ذلك من سلوكيات سلبية وأخلاقيات مدمرة للمجتمع ولاسيما الأجيال الشابة ودفعها للهجرة من البلاد أو الهجرة النفسية الداخلية وغياب حالة الأمل وقود الأمة لمستقبل أفضل واعد.

لقد استطاع السوريون مواجهة أخطر وأقسى حرب شنت عليهم استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة الصلبة والناعمة وبعد استنزاف أسلحة القتل المادي تستعمل اليوم أسلحة القتل النفسي الأكثر فتكاً وتأثيراً وأذية دونما كلفة باهضه تعتمد في خطوطها العامة على إفشاء ثقافة اليأس والإحباط وإضعاف حس المسؤولية والانتماء وتشكيل انطباعات عامة بانعدام أي أمل بالخروج من الظروف الراهنة وأن كل شيء فاسد مع تعمية مقصودة لكل مظاهر الإنجاز المادي والمعنوي في مؤسسات الدولة وكأنها تحصيل حاصل وبقوة العطالة ولعل خطورة ذلك تكمن في تشكيل حالة من عدم الثقة بين المواطن وسلطته وما يستتبع ذلك من موقف سلبي من مؤسساتها عبر مخالفة الأنظمة والقوانين والنظام العام واستباحة ممتلكاتها وكل ما يرمز إليها وكأن المرفق العام ملك لها وليس ملكاً للمجتمع لأجيال الحاضر والمستقبل ناهيك عن أنها رأسمال رمزي بمعنى من المعاني.

إن التحذير مما تمت الإشارة إليه ومن مخاطره وآثاره المدمرة على المجتمع والدولة لا يعني ابتعادنا عن الواقع أو إنكاره أو التعمية عليه أو إسقاط رغباتنا عليه والرغبوية في قراءة الواقع فثمة ظروف صعبة وقاسية جداً يعيشها المواطن السوري لها أسبابها الموضوعية والذاتية ولعل الأسباب الذاتية لا تقل أهمية عن الأسباب الموضوعية كضعف الأداء العام والفساد المستشري في المؤسسات وغياب استراتيجية فعالة وتصميم اقتصادي للخروج من الأزمة وتحسين الوضع العام بالاعتماد على ثرواتنا المادية الوطنية والعقل السوري المبدع وتجويف المؤسسات من خلال استبعاد الكفاءات الحقيقية وحزب محاربة النجاح وثقافة الإقصاء القائمة في مفاصل معينة من مراكز القرار وغياب المعايير في التعيين والإعفاء وهو ما يخالف ما أكد ويؤكد عليه بشكل دائم ومستمر السيد الرئيس بشار الأسد وهو جزء ومفصل من خطاب التطوير والتحديث الذي لو اقتفت المؤسسات السورية السياسية والحزبية وغيرها من مؤسسات عميقة مضامينه وتمثلته حقيقة لا ادعاء ما كان ليحصل ما حصل في سورية أو على الأقل ما كان بهذه الدرجة من الفداحة والنتائج الكارثية.

والحال: إن المصلحة الوطنية وطبيعة ومستوى التحديات التي تواجهنا وشعورنا بالمسؤولية التاريخية تجاه وطننا وشعبنا تستدعي من كل الفاعلين في الرأي العام سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات ثقافية وإعلامية وسياسية وشبابية ومدنية وحزبية وتربوية ودينية (بنك عقول) وغيرها وضع برنامج عمل ومشروع وطني استراتيجي راهني ومستقبلي للخروج من الوضع الراهن عبر سياقات وخطط ومناهج عمل اقتصادية و اجتماعية و نفسية شفافة وواضحة وقابلة لقياس النتائج والمردود اعتماداً على إمكاناتنا الذاتية وثرواننا الوطنية تنعكس على المجمل العام ويلمس المواطن نتائجها الإيجابية على مستوى حياته المعيشية وتنقله إلى دائرة الأمل ليكون مشاركاً وفاعلاً في العمل ورافعة بناء لا معول هدم.

اضاءات -د . خلف المفتاح

 

آخر الأخبار
"الصحة العالمية": النظام الصحي في غزة مدمر بالكامل  تعزيز استقرار الكهرباء في درعا لتشغيل محطات ضخ المياه الرئيس الشرع يصدر حزمة مراسيم.. تعيينات جديدة وإلغاء قرارات وإحداث مؤسسات  انتخابات مجلس الشعب محطة فارقة في مستقبل سوريا  مرسوم رئاسي باعتماد جامعة إدلب.. خطوة استراتيجية لتعزيز التعليم العالي   ترامب يمدد الطوارئ المتعلقة بسوريا لعام إضافي.. إبقاء العقوبات ومواصلة الضغط  الدوري الأوروبي.. خسارة مفاجئة لروما ونوتنغهام فوريست تكريم وزير التربية للطالب مازن فندي.. إنجاز فردي ورسالة وطنية  الوحدة يُودّع سلة الأندية العربية  فوز هومنتمن على الأهلي حلب في سلة الناشئين هالاند يُحطّم الأرقام مجدداً هل يتواجد ميسي في حفل زفاف كريستيانو وجورجينا؟ إحصائية كارثية لأموريم مع مانشستر يونايتد الشركة العامة للطرقات تبحث عن شراكات حقيقية داعمة نقص في الكتب المدرسية بدرعا.. وأعباء مادّيّة جديدة على الأهالي اهتمام إعلامي دولي بانتخابات مجلس الشعب السوري إطلاق المؤتمر العلمي الأول لمبادرة "طب الطوارئ السورية" الليرة تتراجع.. والذهب ينخفض حملة "سراقب تستحق" تواصل نشاطها وترحل آلاف الأمتار من الأنقاض مؤسسة الجيولوجيا ترسم "خريطة" لتعزيز الاستثمار المعدني