قد لا يعنينا النقاش الدائر عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول تعريف المواطن، وإن كان هناك مواطن عادي أم غير عادي بقدر أهمية النتائج التي قد يحصدها المواطن من خلف التصريحات التي يطلقها البعض عن حماية المستهلك سواء في الوزارة أم في الجمعية وما يمكن أن تحققه من تغييرات في حياته نحو الأفضل.
وحيث إن المواطن بأبسط التعريفات هو جزء من نسيج المجتمع له حقوق وعليه واجبات، إذ إن المجتمع القوي يحتاج مواطناً كامل الأهلية ومتوازناً اقتصادياً ومكتفياً ليتمكن من مواجهة التحديات، إلا أن الوقائع اليومية تقدم صوراً عكسية وفي أبسط حالتها تلك الصورة التي نشاهدها في طريقة إدارة موجات الغلاء التي تحدث في الأسواق بشكل يومي وغير منطقي لتشكل نواة لفرص جديدة للفاسدين.
وبغض النظر عن أن تسعيرة السلع تختلف بين بائع وبائع آخر إلا أنها ارتفعت لدى الجميع ما يعادل أربعة أضعاف خلال أقل من شهر دون مبررات مقنعة من الجهات المعنية، كما أننا بنفس الوقت نلاحظ التدخلات الخجولة لهذه الجهات. والتي هي في أقصى حالتها تتدخل بهدف تخفيض السلعة بما يعادل مئة أو مئتي ليرة سورية. عن طريق طرح السلع التي سمحت هي نفسها بارتفاعها في الأسواق ولكن بأقل من تسعيرة السوق بمبلغ زهيد يعادل مئة ليرة. وبذلك تكون وباعتقاد الكثير من الاقتصاديين عملت باتجاهين: الأول أنها شرعنت الغلاء وأعطته حماية قانونية من خلال حديثها حول التكلفة والأجور والارتفاع العالمي للأسعار.
والثاني: أنها برأت ساحتها عندما وضعت الكرة في ملعب المواطن وهي تطلق مناشدات له لتقديم الشكاوى حول مخالفات أصبحت ظاهرة وواضحة لا تحتاج لشكوى من قبل أحد. والأمثلة كثيرة نجدها في زيت دور الشمس الذي ارتفع من 9200 ليرة سورية ليصل إلى 17 ألف ليرة خلال أقل من شهر واحد. وفي تسعيرة الحبوب بأنواعها والمنظفات وكل ما يتعلق بالمواد الأساسية للمواطن.
إن طريقة إدارة ما يحدث في الأسواق تفتقد للتنظيم وتشكل نواة لفرص جديدة أمام أصحاب المكاسب الكبرى، فكلٌ يبيع بالتسعيرة التي تناسبه ومن لا يعجبه فليشتكي عبارة يقولها عشرات البائعين والتجار للمواطنين، وبالتالي نحن بعيدون عن قواعد اجتماعية كثيرة أهمها أن كسب ثقة المواطن هي ضرورة للبقاء لا للرفاهية في ظل ظروف الضغوط الاقتصادية الصعبة. وفي وظل معاناته اليومية مع تدبير لقمة العيش. ما جعلنا أمام حقيقة جلية ألا وهي وحش الغلاء وارتفاع نسبة الفقراء أضعافاً مضاعفة. فقد أصبحت جميع السلع تشكل حالة تعجيزية للمواطن سواء أكان وصفه عادياً أم غير عادي. فالخلاف ليس بالتوصيف بل في طرق المعالجة غير المرضية.
عين المجتمع -ميساء الجردي