سامر البوظة:
السابع عشر من نيسان، يوم مقدس بالنسبة لنا نحن السوريين, إنه ذكرى الاستقلال وجلاء المستعمر الفرنسي عن أرض الوطن بعد نضال طويل خاضه أبناء شعبنا على مدى أكثر من ربع قرن, توجوه بالنصر على المحتل في معركة الحرية والسيادة والكرامة.
ففي مثل هذا اليوم من عام 1946 خرج آخر جندي فرنسي محتل من أرضنا بفضل سواعد المقاومين والمجاهدين أبطال الثورة السورية الكبرى بعد معاناة دامت أكثر من 21 عاماً تحت نير الاحتلال, ونالت سورية استقلالها بعد أن دفعت أثماناً باهظة من أرواح أبنائها البررة الذين رفضوا الظلم والقهر، وبذلوا الغالي والنفيس في الذود عن بلدهم والدفاع عن كرامتهم وعروبتهم وحريتهم.
ومع استحضار عظمة هذه المناسبة نجد أنفسنا في أمس الحاجة اليوم لتمثل قيم الجلاء ومعانيه واستذكار البطولات والتضحيات التي قدمها أجدادنا في ظل ما نواجهه ونتعرض له مجدداً من هجمة شرسة ومخططات تقسيم ومشاريع رجعية استعمارية تستهدف وطننا وشعبنا الذي قدم وما يزال يقدم دروساً للعالم في التضحية والذود عن الوطن, وهو اليوم إذ يجدد تلك القيم عبر تمسكه باستقلالية القرار الوطني متسلحاً بإيمانه الراسخ بوطنه وبتلاحمه وتمسكه بوحدته الوطنية ورفضه المطلق لأشكال التدخل الخارجي كافة في شؤونه الداخلية, وهو ما ساهم بشكل كبير في إسقاط المؤامرة والصمود في وجه المخططات الاستعمارية التي تستهدف النيل من وحدة أرضنا وصمود شعبنا.
وإذا كان قد حقق الاستقلال من الاحتلال الفرنسي قبل 76 عاماً, فهو اليوم يواصل تلك المسيرة النضالية التي خطها الأجداد ملتفاً حول أبنائه أبطال الجيش العربي السوري البواسل في مهمتهم الوطنية والقومية المقدسة للقضاء على الإرهاب والإرهابيين وطرد الغرباء والمحتلين عن أرض الوطن, وهذا ليس غريباً عن الشعب السوري, فهم أحفاد يوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش والشيخ صالح العلي وإبراهيم هنانو وحسن الخراط وأحمد مريود ومحمد الأشمر وغيرهم الكثير من الأبطال الذين سطروا بدمائهم وبطولاتهم ملاحم العز والفخار.
لقد أثبت الشعب السوري عبر التاريخ أنه شعب حر شعب مقاوم عنيد لا يستسلم ولا يرضى الذل والهوان, واليوم يبرهن بصموده أنه قادر على إفشال وإسقاط مخططات التآمر الإمبريالي الصهيوني الرجعي الذي تتعدد أوجهه، ويتسع عدد المشاركين فيه من أنظمة رجعية عربية وإقليمية ودولية, ويؤكد للعالم أن قيم الجلاء ما زالت ماثلة في ضمير كل سوري شريف وفي وجدانه, فحب الوطن والإيمان به والتضحية من أجله باتت علامات فارقة تميز هذا الشعب الرابض على تاريخ عريق يستمد منه العزيمة والقوة والإباء.
لقد كان الجلاء ثمرة نضال وتضحيات أبناء الشعب العربي السوري بمختلف قواهم وفئاتهم وفعالياتهم، ولا يزال يشكل بمضامينه ودلالاته البطولية دروساً في الفداء والتضحية والتشبث بالأرض والمبادئ والحقوق والدفاع عنها مهما كانت الظروف والتحديات, والاستقلال الذي أنجزته وصنعته تضحيات وبطولات هذا الشعب العظيم سيظل مبعثاً للروح الوطنية ونبراساً يضيء في وجدان كل السوريين والأحرار في العالم.