عبد الحميد غانم:
السابع عشر من نيسان من كل عام هو ذكرى غالية على قلوبنا ويوم مهم في وجدان السوريين نحتفل فيه بذكرى جلاء المستعمر الفرنسي الذي اندحر عن أرضنا مهزوما بعد حقبة نضالية قارع خلالها أبناء شعبنا من أقصى الوطن إلى أقصاه قوات الاحتلال الغازية عبر ثورات بطولية شارك فيها أبناء شعبنا بكل أطيافه صفا واحدا تحت راية وطنية واحدة، حتى اجبروا قوات الاحتلال على الجلاء عن تراب الوطن.
وكما واجه شعبنا الأبي أطماع فرنسا خلال قرابة ثلاثين عاما من القرن الماضي، يواجه شعبنا اليوم أطماع ومخططات الغرب الرأسمالي الاستعماري الذي يريد مجددا استعادة هيمنته على منطقتنا وتنفيذ سياساته التقسيمية بأشكال جديدة، حيث يحاول عبر مخططاته إشعال الفتن والحروب وعرقلة مسيرة تقدم وطننا وتطوره وإضعاف جيشه الوطني وتعطيل مشروعات التنمية الاقتصادية والسياسية، والحؤول دون تعزيز السيادة الوطنية والقرار المستقل ورفض الهيمنة والسيطرة الغربية.
لقد أجبر السوريون المحتل على الاندحار لينعم وطنهم بالحرّية بفضل تضحياتهم الكبيرة، فكانوا أبطالا قدّموا أغلى ما يملكون، واسترخصوا الموت ليحيا وطنهم وبذلوا دماءهم الزكية في سبيل عزّة ومنعة كل ذرة من ترابه، ملقّنين القوى الاستعمارية دروساً في البسالة والإباء والتمسك بالحقوق والرغبة العارمة بالاستقلال.
لم يكن الجلاء مجرد ذكرى عابرة، بل هو قيم فكرية وثقافية تعيش في وجدان شعبنا، جسدها بكل شهامة ومروءة وكبرياء عبر تمسكه بحقوقه ووحدته، وقد شارك الجميع في ذلك، كل حسب عمله ودوره وموقعه من حقول الثقافة والأدب والتعليم، إلى حقول القمح وصولا إلى جميع مواقع العمل والإنتاج والإبداع والإنجاز والدفاع عن الأرض.
تحل ذكرى الجلاء هذا العام مع تباشير النصر السوري الناجز على الأعداء، ومع حزمة الإنجازات والانتصارات التي حققها جيشنا الباسل وشعبنا البطل في وجه الغزاة الذين فشلوا في تحقيق أهدافهم التقسيمية لجعل سورية مطية لمشروعهم العدواني الجديد في المنطقة بعدما فشلت خطتهم الاستعمارية التي وضعت قبل مئة سنة.
وهاهو مشروعهم يتلقى اليوم الضربات والنكسات المتتابعة في سورية وفي فلسطين، التي شكلت العمليات الفدائية ضد المستوطنين الصهاينة زلزالا يقض مضجع الكيان الإسرائيلي.
إن تخليد ذكرى الاستقلال يعد مناسبة وطنية لاستلهام ما تنطوي عليه من قيم سامية وغايات نبيلة خدمة للوطن وإعلاء مكانته وصيانة وحدته والمحافظة على هويته ومقوماته والدفاع عن مقدساته وسيادته وتعزيز نهضته.
السابق