مشروع القراءة للجميع

الملحق الثقافي: لينا ديوب:

في قاعة بيع الكتب على يسار باب المركز الثقافي العربي بأبو رمانة، كانت أسعار منشورات وزارة الثقافة تدفعك لقراءة العناوين، مرة واثنتين وثلاث، لشراء المزيد من الكتب، لثمنها القليل آنذاك، فقد كان الحسم كما اليوم خمسين وخمس وخمسين بالمئة، أي كنا نشتري مجموعة قصصية أو رواية بخمسين ليرة، حسب أسعار تلك الأيام، وكتاباً فكرياً مترجماً بأقل من مئة ليرة. إلا أن تلك الخطوة للتشجيع على شراء الكتب، لم يرافقها إجراء يساعد على تشجيع القراءة.

الكتاب صناعة وطنية
هذه المقدمة هي استهلال للحديث عن التنمية الثقافية عموماً، ومنها انتشار الكتاب والقراءة، والتي تسير جنباً إلى جنب مع الخطة العامة للدّولة بالإنفاق على الثقافة بمختلف جوانبها، ومنها تأسيس مطابع ودور نشر حكومية، توكل إليها نشر المعارف والعلوم، بالتركيز على الفكر النهضوي، العربي، والإنساني. هنا يمكننا السؤال عن صناعة الكتاب، وإنتاجه الذي يُسهم في الحركية الثقافية والاقتصادية، وفي تطوير المعارف ونموها حسب، التوجيه والهدف الذي ترسمه الدولة.
اللغة لإنتاج السلوك والثقافة
من أجل ذلك، لا بد للدولة من دعم إنتاج الكتاب كصناعة وطنية، ومرافقة تلك الصناعة بإجراءات تشجع على القراءة، لأهمية الثقافة في المجتمع ولدور اللغة وأهميتها في إنتاج الثقافة وإعادة إنتاجها في المجتمع، لأن الرابطة الوجودية بين الظاهرة الثقافية والجوهر اللغوي قادرة على تفسير وظائف الإنسان في المجتمع، بالمقابل توضيح دور المجتمع في بناء الإنسان، وعليه فإن الظاهرة الثقافية سَتصبح كتلة من الحقائق الاجتماعية، تعبر عن المبادئ الأخلاقية التي ترتكز عليها القِيَم الحياتية للفرد والجماعة، ضمن البنى الوظيفية التي تهدف إلى احتضان الحاجات الروحية وإشباع الحاجات الماديّة للأفراد المُنتمين إلى هذا المجتمع، عبر مسارات عدة هي الفكر ظاهريًّا، والأنساق الكامنة، والممارسة البناءة، عندها تصبح الثقافة وجوهرها اللغوي معيارًا أو أداة لقياس الأحكام على السُّلوك الفردي وتقييمِ النتائج المُتَرَتِّبَة عليه، وذلك ضمن مجموعة القيم التي تحتويها الثقافة والتي تُحدِّد حقوقَ الفرد وواجباته، واتِّصاله معَ عالمه الداخلي، وتواصله معَ عالمه الخارجي، أي إن الثقافة وما تنتجه من قيم تنتج أيضاً الحُقوق والواجبات يكرسها المجتمع، من أجل منْح الفرد القدرةَ على التفاعل مع ذاته، والتواصل معَ الآخرين.
مسؤولية الدولة
هنا نعود للحديث عن الممارسة البناءة أو دور الدولة في إنتاج ثقافي بناء بقيم تحيي المجتمع، لأن شرعية النظام الاجتماعي مستمدة مِن قدرته على إنتاج منظومة فكرية وإدارتها.
اليوم بعد حرب طويلة نحن بأشد الحاجة لإعادة بناء الرأسمال البشري، وترميم تخلخل القيم وتراجع الثقافة، هنا تبرز أهمية التشجيع على القراءة على أوسع نطاق، عبر مشروع قراءة تتبناه الدولة يهدف إلى تشجيع الأسرة السورية على اقتناء الكتب، بما يؤدي إلى تنشيط حركة القراءة في المجتمع على كافة المستويات والتخصّصات. هذا المشروع يعادل بأهميته تأمين مستوى معيشي لائق للأسرة، من أجل بلوغ أهداف هذا المشروع وبأسعار معقولة، يجب أن ينطلق من فكرة أساسية، ترى أنّ نشر المعرفة مسؤولية الجميع، ولذلك، على الجميع المشاركة في هذا المشروع، بدءاً بالدولة، مروراً بأصحاب المال وانتهاء بالناس المستهدفين.
إشراك الجميع
إن الأسعار المعقولة التي تحدثنا عنها قد تعني الطبعات الشعبية للكتب، والتغلب على بعض المعوّقات السياسية والاقتصادية، تتضمن إشراك الوزارات والهيئات والمنظمات بمساهماتهم المادية والمالية، بمن فيهم إسهام الصناعيين ورجال المال نقدا وعينا، مشاركة المؤسسات الإعلامية والمواقع والمنصات، وهنا يمكننا تذكر تجربة كتاب الشهر الذي كانت تصدره جريدة الثورة والذي أعاد طبع الكثير من الكتب المهمة، باستخدام الورق المتوسط الجودة في عملية الطبع.
كتاب مع سلة الغذاء
إعداد هذا الملف في شهر رمضان، يعطينا الفرصة لربط عمل الخير والإغاثة، بالاستدامة والتنمية، وذلك بتخصيص جزء من الأموال التي تقدم لسلة طعام رمضان، لسلة قراءة في مواسم أخرى، فقد وصل دعم إحدى الجمعيات لإعداد سلة رمضان إلى أكثر من مليارين على لسان أحد العاملين فيها، وهذا رقم ليس بالقليل، يمكن الاستفادة من نزعة الخير هذه، بالمشاركة بتمويل مشروع قراءة ينشر قيم تعلم الصيد بدل الحصول على السمكة جاهزة، وغيرها من القيم التي نحن بأمس الحاجة لإحيائها.
إن مسؤولية الدولة بتحقيق بناء اجتماعي حاضن للأنساق الثقافية ينتج عنه بناء فكري حاضن للأبعاد النفسية والسلوكية، منتج للقيم الإيجابية البناءة، يستدعي الاهتمام الاستراتيجي بكل من الثقافة واللغة، وذلك عبر توفر الكتاب ونشر القراءة بين الجميع وللجميع.

التاريخ: الثلاثاء19-4-2022

رقم العدد :1092

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق