الملحق الثقافي:حبيب الإبراهيم :
ثمّة أسئلة تُطرح من قِبل المهتمين بالشان الفكري والثقافي والإعلامي، تتمحور في معظمها حول دور الكتاب وأهميته كوسيلة هامة لنشر الثقافة والمعرفة، وآفاق تطويره وخاصة في ظل انتشار وسائل الاتصال الحديثة والثورة الرقمية وتدفق المعرفة والفضاء الأزرق، وتراجع مكانة الكتاب الورقي لارتفاع تكاليف الطباعة، وعزوف القراء – وخاصة الشباب منهم – عن القراءة والتوجّه للكتاب الالكتروني والذي أصبح متاحاً بشكل أبسط و أيسر وأوسع .. في ظل هكذا واقع تراجعت تدريجياً مكانة الكتاب الورقي، وتراجع الاهتمام به من حيث التأليف والطباعة والنشر وعدد النسخ والألوان وغير ذلك من أمور فنيّة وتقنيّة، وبالتالي لا بد من طرح محاولات جادة ومتلاحقة لإعادة توجيه القراء نحو الكتاب والذي قيل فيه الكثير…. فهو خير جليس، وخير صاحب، وخير رفيق … هذه المحاولات رغم محدوديتها ،وقلّة أعدادها ،لكنها شكلّت نواة ما يعرف ب (الكتاب الشعبي )الذي أصبح أكثر من ضرورة، وهذا بكل تأكيد يحتاج إلى تضافر جهود الجميع مؤسسات وأفراد للوصول به إلى أوسع شريحة في المجتمع … ولا بد هنا من الإشادة بتجربة بعض الصحف والمجلات المحليّة في إصدار (الكتاب الشعبي ) شهرياً وبشكل دوري مثل (كتاب في جريدة ) والذي كانت تصدره صحيفة تشرين مع مجموعة من الصحف العربية، كذلك إصدارات صحيفة الثورة والبعث الكتب الشهرية، إضافة إلى كتاب الجيب مع مجلة الموقف الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتّاب العرب، وكتاب أسامة الشهري وغيرها من إصدارات، تهدف جميعها إلى جعل الكتاب بين أيدي القراء بأبسط الوسائل وبشكل مجاني، لكن هذه المحاولات تبقى خجولة وتحتاج إلى دعم أكبر من قبل هيئات ومؤسسات ثقافية وتربوية وإعلامية … إنّ واقع الكتاب الشعبي الآن لا يلبي الطموح، ويحتاج إلى اهتمام أكبر من حيث زيادة أعداده وتشجيع العاملين فيه وتحفيزهم مادياً ومعنوياً، وتوسيع قاعدة انتشاره وخاصة بين الشباب وضمان وصوله إلى المناطق والأرياف البعيدة بأسعار زهيدة وبأيسر السبل وذلك من خلال المراكز والمحطات الثقافية، وإقامة معارض الكتب الثابتة والمتنقلة ودعم المكتبات المدرسية والجامعية بالإصدارات الجديدة، ولا بد أن نشيد هنا بتجربة المعارض المشتركة بين اتحاد الكتاب العرب والجامعات الحكومية وتخفيض أسعار الكتب بما يمكّن الطلبة والمهتمين من اقتناء العديد من العناوين التي تلبي رغباتهم وتدفعهم للمزيد من القراءة والبحث … يظل الكتاب الشعبي الفرصة المناسبة التي يمكن من خلالها طرح عناوين جديدة تتناسب مع تطلعات واهتمامات القراء على اختلاف أعمارهم وميولهم وتطلعاتهم، وضمان وصول الكتاب إلى أوسع شرائح المجتمع، وتشجيع القراءة وتحفيز المتميزين من خلال تنظيم مسابقات خاصة بهذا الشأن، ومنح الفائزين جوائز عينية ونقدية وتشجيع الأدباء على التأليف والنشر وزيادة الحوافز المادية والمعنوية لأن ما يخصص حالياً للأدباء والكتاب من مكافآت واستكتاب زهيد جداً ولا يطعم خبزاً ولا يسدّ رمقاً ؟! اليوم ومع توقف إصدار الصحف ورقياً لا بد من العمل والاشتغال وبمسؤولية عالية على دعم وإصدار الكتاب الشعبي وجعله بين أيدي القرّاء وإعادة الإهتمام بالكتاب والقراءة، وجعلهما من الأولويات والانتقال بالكتاب من مرحلة الاهتمام الفردي فقط إلى مرحلة الاهتمام المجتمعي يكون فيه الكتاب الشعبي في المقدمة و الصدارة وله الأولوية من حيث التأليف والنشر والتوزيع .. هو طموح مشروع بحاجة إلى تضافر جهود الجميع مؤسسات وأفراد، ويمكن التركيز هنا على التشاركيّة مع القطاع الخاص وتوظيف إمكاناته المادية في زيادة دور النشر، وزيادة نسخ الكتب المطبوعة بأسعار رمزية .. نعم …إنه الكتاب الشعبي ..متى يصبح حقيقة ؟؟.
التاريخ: الثلاثاء19-4-2022
رقم العدد :1092