كتاب الجيب كان رفيقنا

الملحق الثقافي: علم عبد اللطيف:

كان الكتاب في عهدنا.نحن مواليد أواسط القرن العشرين.يشكل قيمة عند مقتنيه.يتحدث الناس عن البعض ممن يقتنون كتباً بأنهم شريحة مثقفة..بغض النظر عن نوعية الكتب أو محتواها..
اذكر..في بيتنا القديم كان هناك مكتبة. صندوق خشبي أسود.. كتب من التراث..مجاني الأدب..وكليلة ودمنة..ونوادر جحا الكبرى..والمعلقات السبع شرح الزوزني..وديوان عنترة بن شداد..وابن الفارض..وابن عربي..والمتنبي..وشعراء غيرهم كثيرون.. وكتاب الشرتوني في قواعد اللغة العربية. والأغاني للأصفهاني..ومروج الذهب للمسعودي ويتيمة الدهر للثعالبي… وزهر الآداب للحصري القيرواني وتاريخ آداب العرب.لمصطفى صادق الرافعي..وروايات تاريخ الإسلام كلها لجرجي زيدان..من فتاة غسان إلى أسير المتمهدي.. وكتب جبران جليل جبران..وكتب لجورج جرداق ومي زيادة وبنت الشاطئ ..وعبد الفتاح عبد المقصود.. وكتب لطه حسين والعقاد..وملحمة الغدير لبولس سلامة. وألف ليلة وليلة طبعة بولاق بمصر أربعة أجزاء.وعلي الزيبق المصري..وفيروز شاه..وسيف بن ذي يزن. وكتاب الشيعة والحاكمون لمحمد جواد مغنية. ومقاتل الطالبيين..والحسين أبو الشهداء.. وعقيلة بني هاشم..وكتب ومجلات أخرى كثيرة كانت تصدر في تلك المرحلة..منها كتاب صغير صادر عن دار الهلال بمصر.
كتاب الجيب..بحجم راحة الكف..هو رواية تولستوي.اعترافات شبابي..
الآن..أتذكر أننا وإخوتي متقاربو الأعمار..قرأنا هذه الكتب في المرحلة الابتدائية والإعدادية..هل من يصدق ذلك الآن..؟
نعم..قرأنا هذه الكتب وغيرها أيضاً.
السؤال يجد أهميته في تواجد هذه الكتب لدى شخص لم يدخل مدرسة. فوالدي من مواليد الحرب العالمية الأولى..شهد مرحلة الانتداب الفرنسي بكاملها..ومرحلة الاستقلال..والوحدة..وبقي يقرأ بعد أن تجاوز التسعين من عمره..
هل القراءة كانت منقولة إلينا نحن الأبناء بالجينات ؟
أم إن تلك المرحلة لم يكن فيها من اهتمام يعلو على القراءة.
في الشق الثاني من السؤال..أتابع بالقول..الاهتمام بالقراءة حقيقة كان مرده عدم وجود وسائل أخرى في تلك المرحلة تشكل بديلاً عن القراءة..تسلية أو اهتمام حقيقي بالمعرفة. أذكر كم بكينا في تراجيديا مصير أبطال كتبنا..وكم فرحنا لانتصاراتهم..وكم اغتنينا بالحالتين..
أعود لكتاب الجيب..كنت حقيقة أضعه في جيب مريولي المدرسي.ولكم أعرته لزملائي.. وأعتقد أنه مايزال في مكتبة احد إخوتي إلى الآن.في حين أحتفظ بكتب أخرى في مكتبتي من مكتبة أبي..منها مروج الذهب وديوان ابن أبي ربيعة وابن عربي. وعنترة بن شداد..وكتب مصطفى لطفي المنفلوطي..النظرات والعبرات والفضيلة والشاعر..
هذه الإطالة في استعراض الكتب لدينا. ستخدم فكرة أبتغي الوصول إليها.. وهي..أن غيرنا أيضاً..كان يقرأ..لسنا وحدنا بالتأكيد.. وأن الكتاب كان متوفراً ورخيصاً..لا يشكل عبئاً على متواضعي الدخل.وإذن. فإن ظاهرة القراءة في سورية أو مصر أو لبنان..كانت تتطلب وفقاً لمنطق التجارة وحده..أن يتم تعميم الكتب..وبوفرة..وبوسائل مبتكرة..كأن يصطحب الشخص كتابه في جيبه إلى عمله خارج البيت..
هذه الظاهرة لو تحدثنا بها الآن لأحفادنا..لعذرناهم إن لم يصدقونا..فالكتاب لم يعد هماً كما نرى..القراءة ذاتها تراجعت بسبب انتقال وسائل توصيل المعارف من الكتاب إلى التلفزيون والموبايل أولاً.. وبسبب أن الكتاب شهد تحولاً ليس في الإقبال عليه فحسب. بل بالقدرة على اقتنائه لدى متوسطي الدخل..وانسحب ذلك على دور النشر والطبع العريقة..في كل المنطقة العربية.
نحن أبناء مرحلة القراءة..لن نستطيع نسيان الكتاب.شكل الغلاف..ورسوم الصفحات..رائحتها.
تلك الحميمية التي وسمت علاقتنا بالكتاب وبالحياة عموماً.شكلت عقولنا وفكرنا وثقافتنا.
تنزيل الكتب من النت الآن متاح..جيل الأحفاد يعرفونه..ويعملون عليه..لكننا جيل الكتاب الورقي المشدودين إلى كتابنا الذي ربانا..نعزف عن تنزيل الكتب من النت. بسبب ذاكرة حميمة لا يجوز أن نفقدها..
كتاب الجيب..لدي في مكتبتي إلى الآن..
اعترافات شبابي لتولستوي..
عائشة التيمورية لمي زيادة.
زينب عقيلة بني هاشم لعائشة بنت الشاطئ..
عبقرية محمد وعبقرية علي لعباس محمود العقاد
شجرة الأنبياء
ياللكتاب. الذي نحمله في قلوبنا أيقونة.
وحملنا معه وكرّمنا بشرف القراءة.

التاريخ: الثلاثاء19-4-2022

رقم العدد :1092

آخر الأخبار
لبنانيون يشاركون في حملة " فجر القصير"  بحمص  ابتكارات طلابية تحاكي سوق العمل في معرض تقاني دمشق  الخارجية تدين زيارة نتنياهو للجنوب السوري وتعتبرها انتهاكاً للسيادة  مندوب سوريا من مجلس الأمن: إسرائيل تؤجج الأوضاع وتضرب السلم الأهلي  الرئيس الشرع يضع تحديات القطاع المصرفي على الطاولة نوح يلماز يتولى منصب سفير تركيا في دمشق لأول مرة منذ 13 عاماً  الجيش السوري.. تحديات التأسيس ومآلات الاندماج في المشهد العسكري بين الاستثمار والجيوبوليتيك: مستقبل سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية الأولمبي بعد معسكر الأردن يتطلع لآسيا بثقة جنوب سوريا.. هل تتحول الدوريات الروسية إلى ضمانة أمنية؟ "ميتا" ساحة معركة رقمية استغلها "داعش" في حملة ممنهجة ضد سوريا 600 رأس غنم لدعم مربي الماشية في عندان وحيان بريف حلب من الرياض إلى واشنطن تحول دراماتيكي: كيف غيرت السعودية الموقف الأميركي من سوريا؟ مصفاة حمص إلى الفرقلس خلال 3 سنوات... مشروع بطاقة 150 ألف برميل يومياً غياب الخدمات والدعم يواجهان العائدين إلى القصير في حمص تأهيل شامل يعيد الحياة لسوق السمك في اللاذقية دمشق.. تحت ضوء الإشارة البانورامية الجديدة منحة النفط السعودية تشغل مصفاة بانياس لأكثر من شهر مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز انطلاقة جديدة لقطاع الطاقة.. شراكات عالمية قد تفتح الباب لزيادة قياسية في الإنتاج