العمل الخيري في طرطوس بلا دعم .. والرهان على استعادة الثقة المفقودة

الثورة – تحقيق – محمود إبراهيم:

لا أجد حرجا أن أعترف بداية حين قررت إعداد هذه المادة أنني عقدت العزم أن أكتب بما يتناغم مع كل مايقال و يذاع ويصور على منابر المؤتمرات والندوات وموائد الاحتفالات.
لكن كما هو الحال في كثير من الأحيان الأقوال والشعارات والوعود في واد والواقع وتفاصيله في واد أخر، لذلك قررت إعادة النظر من أي واد سأكتب.
ذوو الإعاقة لطالما كان الاهتمام بهم ورعايتهم في مفاهيم عصرنا الحديث هو عين القوة ومعيار الإنسانية و مؤشر رقي المجتمعات وتحضرها فهم جزء لايتجزأ من نسيج المجتمع وبنيانه وهذه حقيقة لاتقبل الجدل .
في سورية كان لسني الحرب الإرهابية الطويلة المفروضة عليها نتائج كارثية على كافة مرافق الحياة ونحن مازلنا حتى الآن نعيش آثار هذه الحرب من حرمان وآلام ومآس يومية.

*في صلب المعاناة ..

وذوو الإعاقة هم وذووهم في صلب هذه المعاناة بل ولمعاناتهم آلام أخرى تفوق مثيلاتها.
وفي محافظة طرطوس قصص تروى مجسدة حجم هذه المعاناة وعمقها
فمن عائلة فقيرة تحوي بين أفرادها أكثر من إعاقة واحدة لا دعم ماديا لهم يغطي ولو جزءا من تكاليف حوائجهم أو أدويتهم على الأقل سواء من جهات حكومية أو خيرية، إلى طفلة صغيرة تعاني من إعاقة سمعية تحتاج إلى سماعة للأذن ووالدها الموظف لايستطيع شراءها فسعرها الحالي يفوق راتبه بأضعاف كثيرة 800 ألف ليرة سورية على الأقل.
وطفل آخر يحتاج إلى عملية مكلفة جدا مصنفة (عمليات كبرى) لايجد من يستطيع أو يمتلك الإرادة أن يتحمل جزءا ولو يسيرا من تكاليفها.. إلى شاب في مقتبل عمره يحتاج الى كرسي متحرك تقدم في طلبه منذ أعوام إلى الشؤون الاجتماعية ولم يحصل عليه بعد..
وطفل لديه إعاقة ذهنية موجود حاليا”في جمعية ( أطفال المحبة ) لم يحصل على بطاقة إعاقة لأن اللجنة الفاحصة قررت أنه قادر على خدمة نفسه بعد إجابته عن أسئلتها بنعم نعم نعم .. دون أن يعي ماذا يعني السؤال أصلا..
إلى عائلة غير قادرة على إرسال أطفالها الثلاثة المعوقين إلى مركز الجمعية الخيرية لأن رب العائلة الذي يخدم في الجيش غير قادر على تأمين أجور المواصلات لهم، ومعوق أزيلت الكولبة التي أعالته وأطعمته لسنوات وحاله الآن لا حول ولا قوة .

*تعمل بأبسط الشروط..

الثورة التقت الدكتورة “ريم عثمان” رئيسة جمعية أطفال المحبة التي تعنى بالأطفال المعوقين التي أكدت لنا أن الجمعية تعمل حاليا” بإمكانيات بسيطة دون أي دعم مادي حقيقي لها من أي جهة.. متسائلة والكلام لها : لقد كنا بالسابق نسمع عن مبادرات لتقديم المساعدة بمناسبة حلول الأيام المباركة وقدوم شهر رمضان وها نحن الآن في منتصف الشهر الكريم ولم نتلق أي مساعدة بعد .
مضيفة انه وبالرغم من ذلك فإن الجمعية تكتفي بالحد الأدنى من الرسوم الشهرية و هناك حالات تعفى منها فبعض الأهالي عاجزون حتى عن تحمل أعباء أجور المواصلات.
الدكتورة “ريم” بينت عن وجود حالات مأساوية لأطفال في الجمعية ولهذا السبب أطلقت الجمعية مؤخرا” مبادرة( ايدي بايدك) كنوع من الضمان الصحي لأطفال الجمعية حيث تعاقدت الجمعية مع 15 طبيبا من كافة الاختصاصات في المحافظة لمعاينة الأطفال مجانا.

*تكرار ..

و في جمعية “المجد” للمعوقين المعاناة نفسها تكرر حيث قالت رئيستها “هند جديد” أن الجمعية تعمل بأقساط رمزية من الأهالي وبإمكانيات بسيطة والدعم المالي الذي تتلقاه الجمعية هو من بعض الأهالي الميسورين ومساعدات من الهلال الأحمر والبطركية وفيما عداها من فعاليات اقتصادية فالجمعية لم تتلق أي مساعدات منهم .

*التصنيف الوطني..

“مدين تفاحة” أمين عام المجلس الفرعي للإعاقة بمحافظة طرطوس في لقاء خاص مع الثورة اوضح لنا أن التصنيف الوطني للإعاقة معتمد من قبل الحكومة السورية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل
و (ذوو الإعاقة ) مصطلح اعتمد من قبل المنظمات الدولية المعنية بهذا الشأن
والتصنيف يشتمل على إعاقة بصرية و سمعية و حركية و عقلية و نفسية
ومع ذلك طالبنا بتعديل بعض من بنوده التي نراها مجحفة تجاه عدد من الحالات كالتصلب اللويحي.

*تجربة الدمج..

يوجد في طرطوس حتى الآن 19 مدرسة دامجة (غرفة مصادر ) وهي تجربة جديدة لم نصل فيها بعد إلى المرحلة الثانوية
معتبرا” أن هذه التجربة ناجحة إذ إن هناك جهودا حقيقية تبذل من قبل مديرية التربية ودائرة البحوث.
والسيد المحافظ رئيس المجلس الفرعي للإعاقة المحامي “صفوان ابو سعدى” طالب بتعميم هذه التجربة افقيا” أي أن تصل إلى المدن الأخرى في المحافظة وهذا مايجري عليه حاليا .

*التأهيل والتدريب..

“مدين: أشار إلى وجود فريق إعاقة في محافظة طرطوس تم إعداد عناصره كمدربين ولكنه نظرا للظروف الحالية فهو لم يعد يعمل كفريق والسبب هو الضائقة المالية فلا يمكننا إلزام أي منهم للحضور في أي عمل ما من دون مقابل مادي.. مضيفا” أن طرطوس لم تصل بعد إلى مرحلة التأهيل المهني للمعوقين فلا يوجد لدينا في هذا المجال سوى جمعية واحدة وهي جمعية “بيتنا” مشروع جديد مازال في بدايته.

*لا امتيازت لذوي الاعاقة..

بخصوص الوقاية من الإعاقة والكشف المبكر عنها اوضح “تفاحة” أن هذا المجال هو من مهام مديرية الصحة التي عليها رعاية الأمهات الحوامل وتثقيفها وإجراء الفحوص الدورية من خلال المراكز الصحية والمستوصفات.
أما المعاينات في المشافي والمستوصفات فهي مجانا لكل الناس والأدوية بسعرها المعروض فلا يوجد هناك امتيازات لذوي الإعاقة.
وسائل مساعدة المعوقين شبه معدومة
بالنسبة للأطفال الذين يعانون من إعاقات سمعية ويحتاجون لسماعات للأذن أوضح تفاحة” :
سابقا” كنا نجمع الطلبات من محتاجيها ونحاول أن نؤمنها عن طريق أحد المتبرعين
أما الآن فالوضع لم يعد كسابق عهده والطلبات كثيرة ولم نعد نستقبل ايا منها
ولهذا فإن السيد المحافظ أوعز إلى مديرية الصحة بإجراء مناقصة لشراء سماعات وتم أخذ جميع الطلبات ولكن حتى الآن لم يتم شراء هذه السماعات.
أما الكراسي ووسائل المساعدة الأخرى نحاول بالتعاون مع المجتمع المحلي والهلال الأحمر والبطركية تأمينها والتأمين هنا لحالات فردية فقط.
وبالنسبة للمكفوفين بين “مدين” عن وجود جمعيتين مختصتين و هما جمعية “البراء” وجمعية “لون” بصافيتا متسائلاً كيف لهذه الجمعيات أن تعمل بدون إمكانيات مادية .

* للاستهلاك الإعلامي..

وأعتبر “مدين “أن الدعم المالي في طرطوس للمعوقين ليس خيريا بمعنى الكلمة معتبرا أن الدعم أصبح أداة للظهور والاستثمار الإعلامي ليس إلا فلا الفعاليات الاقتصادية ولا الصناعية ولاغيرها يقدم شيئا للجمعيات.

*الثقة معدومة..

و أشار “تفاحة”إلى فقدان الثقة بين الفعاليات الاقتصادية والجمعيات الخيرية نتيجة حالات فساد سابقة اعترت عملها ولكن هذا ليس بمبرر مقنع لوقف الدعم فالذي يريد أن يقدم مساعدة فالسبل كثيرة ،
فمثلا بناء جمعية “أطفال المحبة” التابع لمديرية الاوقاف أجاره الشهري 375 ألف ليرة فأين المساعدة بذلك لأطفال يحتاجون بالأصل لمساعدة .
مضيفا أنه للأمانة إن غرفة تجارة وصناعة طرطوس أصبح عليها ظلم شديد في فترة من الفترات وذلك نتيجة الأعداد الكبيرة من جرحى الجيش فأصبحت معظم المساعدات توجه اليهم والسبب الثاني هو الميل في الاستثمار الإعلامي تكريم الجرحى وأسر الشهداء.
وكشف أن بعضا من جرحى الجيش يطالبون أحيانا بإعانات غير مقبولة في هذه الظروف الحرجة والبعض الآخر يحصل على إعانات من اكثر جهة خيرية في حين أن هناك حالات من ذوي الإعاقة العادية لايتم تقديم أي مساعدة لهم.

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق