سامر البوظة:
منذ بدء عملياته العدوانية في سورية في الـ 23 أيلول من عام 2014, وتحت كذبة “محاربة الإرهاب”, لم يتوقف ما يسمى بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة عن ارتكاب مجازره وجرائمه بحق الشعب السوري, مجازر طالت الحجر والبشر وأزهقت أرواح الآلاف من المدنيين الأبرياء وهجرت ما بقي منهم على قيد الحياة من بيوتهم ناهيك عن التدمير الممنهج للمدن والقرى وتسويتها بالأرض, كل ذلك على مرأى من المجتمع الدولي ومنظماته التي يفترض أنها “معنية” والتي تتلطى خلف شعارات “الإنسانية” وحماية حقوق الإنسان, والتي لم تحرك ساكنا لتوقف تلك الجرائم أو حتى تدعو لاجتماع طارئ لمجلس الأمن لوضع حد لتلك المجازر.
الجرائم التي ارتكبها التحالف اللا شرعي أكثر من أن تعد وتحصى, ولا تحتاج لأدلة أو إثباتات على الرغم من محاولة المجرمين إخفاءها بعد كل جريمة يقومون بها كعادتهم, وهي موثقة بالصور والشهادات وكلها تفضح حقيقة الحرب الأميركية على الإرهاب، وتؤكد أن الهدف الرئيسي كان تدمير سورية وإعاقة إعادة إعمارها, واستهداف الجيش العربي السوري ومحاصرته للضغط على الدولة السورية وإركاعها, وما جرى في مدينة الرقة هو أبلغ مثال على ذلك, فالمدينة سويت بالأرض وأضحت أطلالا بعد أن دمرها هذا “التحالف” ودمر كل شيء فيها من بيوت ومدارس ومعاهد ومستشفيات ومن ثم استولى على المدينة بعد أن أمن خروج الإرهابيين وعائلاتهم منها, ونقلهم إلى أماكن تحت حمايته, الأمر الذي فضح الترابط الوثيق بين هذا “التحالف” المزعوم الذي تقوده الولايات المتحدة والتنظيمات الإرهابية و الاتفاقيات المبرمة بينهما, وهذا أمر لم يعد خافيا على أحد, وهو ما كشفت عنه هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في تحقيق نشرته آنذاك في إطار ما أطلق عليه اسم “الصفقة القذرة”.
جرائم “التحالف” اللا شرعي لم تقف عند مدينة الرقة فحسب بل تكررت في أكثر من منطقة ومدينة مثل دير الزور والبوكمال والحسكة والقامشلي وعين العرب والباغوز, وغيرها من المناطق, وآثارها تفضح مدى الحقد والإجرام المتمترس في عقول أولئك القتلة ومشغليهم وهو ما تؤكده صور الخراب والدمار للمباني والقرى والطرق في المناطق التي طالها قصف قوات هذا “التحالف” المجرم, هذا بالإضافة إلى الشهادات الحية لمن نجا من أهل تلك المناطق, وهو ما أجبر قوات “التحالف” على الاعتراف بما اقترفته أيديهم, حيث أعلن في بيان له في شهر آب من العام 2020، أنه أقدم على قتل 1377 مدنيا “من دون قصد” , على حد زعمهم خلال الغارات الجوية التي نفذها في سورية والعراق، في الفترة ما بين آب 2014 وحتى نهاية آذار 2020, إلا أن الأعداد الحقيقية كانت أكثر من ذلك بكثير , فعمليات القصف التي نفذتها طائراتهم كانت تنفذ عمدا بعد تحرير تلك المناطق المستهدفة من قبل الجيش العربي السوري وسيطرته عليها.
سورية كانت بعثت أكثر من مرة رسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى رئيس مجلس الأمن بخصوص جرائم الحرب التي ارتكبها ما يسمى ” التحالف الدولي” بزعامة الولايات المتحدة الأميركية في سورية وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك وتحمل مسؤولياته تجاه تلك الجرائم ومحاسبة الجناة, لكن “لا حياة لمن تنادي” , ويبدو أنهم أعجز من أن يبادروا أو أن يقوموا بمحاكمة أي من هؤلاء المجرمين القتلة على الرغم من كل الإثباتات والأدلة التي تدينهم, وهو ما يضع العديد من إشارات الاستفهام حول مصداقية تلك المؤسسات والدور المنوط بها, وتعاميها المقصود عما حصل يضعها في دائرة الاتهام بالشراكة بارتكاب تلك الجرائم.
واليوم تعود سورية لتؤكد أن ما اقترفه هذا “التحالف” لاسيما في الرقة والباغوز وسد الفرات, يثبت ارتكاب الولايات المتحدة وحلفائها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية, وأنها ستستمر في إثارة القضية, وأنها ستحتفظ بحقها في تحميل حكومات الدول التي انخرطت في صفوف هذا “التحالف” المزعوم المسؤوليات السياسية والقانونية والأخلاقية والمادية عن تلك الجرائم, فهما طال الزمن لابد أن يحاسب هؤلاء القتلة, فنحن أصحاب حق, ولن يهنأ لنا بال حتى نطرد كل محتل وغاز عن هذه الأرض المباركة ونطهرها من رجسهم.