ما يعيشه العالم اليوم من حروب وأزمات لم يكن ناتج عن تطور طبيعي لشكل العلاقات بين أعضاء المجتمع الدولي، بل هو نتيجة مباشرة وحتمية لأخطاء الولايات المتحدة الأميركية وتقديراتها البعيدة كل البعد عن المنطق السياسي السليم، وتعاميها المقصود عن مصالح الدول الأخرى.
فمنذ انهيار الاتحاد السوفييتي مطلع تسعينيات القرن الماضي راحت واشنطن تمارس دور شرطي العالم وقاضيه دون ان تعير الشركاء الآخرين أدنى اهتمام، فاستفردت بمفاوضات السلام بين العرب و”اسرائيل” منحازة جهارا نهارا للجلاد ضد الضحية فكانت النتيجة المد بعمر الاحتلال الصهيوني للأرض العربية، والتغطية على كل ممارساته الإجرامية والإرهابية بحق العرب الواقعين تحت سلطاته، وخاصة الفلسطينيين الذين تتفنن قوات الاحتلال بقتلهم وسجنهم وتدمير ممتلكاتهم ومسح آثارهم وتاريخهم المتأصل بأعماق أرض فلسطين، مطلقة يد الاستيطان تعيث في الأراضي الفلسطينية كما تشاء.
ومن أجل تحقيق أجنداتها المشبوهة في كل مكان سخرت واشنطن الأمم المتحدة ومؤسساتها الفاعلة وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي جاعلة إياها مطية للسيطرة والهيمنة في الأماكن التي تحتوي على الثروات النفطية والغازية والباطنية الأخرى، فشرعت بإقامة المزيد من القواعد العسكرية في الخليج العربي على إثر غزو العراق للكويت، كما أنها أشعلت فتيل الفوضى في الصومال لتثبت وجودها العسكري هناك تحت مظلة الأمم المتحدة.
ومع مرور الزمن تصاعدت حدة العدوانية الأميركية تجاه الدول الأخرى مسخرة التنظيمات الإرهابية التي صنّعتها في مخابر ال”سي آي إيه” لخدمة أجنداتها، فكان تنظيم القاعدة الإرهابي في أفغانستان ومن رحمه توالدت التنظيمات الأخرى في سورية والعراق والمنطقة ككل، فأصبح “داعش” أكبر خطر يهدد البشرية في الشرق والغرب.
كما أن الولايات المتحدة قد وضعت نصب عين أطماعها دول الاتحاد السوفييتي المنهار في محاولة مستميتة منها لمحاصرة روسيا وريثة الأخير بالمكانة والقوة والدور، وما يجري في أوكرانيا في هذه الفترة هو جزء لا يتجزأ من مخططات واشنطن المعادية لروسيا وللشعب الأوكراني نفسه الذي تربطه علاقات تاريخية مع الجارة روسيا.