بدا واضحاً أن التغيرات المناخية أرخت بظلالها على الجغرافيا السورية، وغدت كثير من الزراعات البعلية خارج الخطط وحتى في مناطق الاستقرار الأولى التي تزيد معدلات هطولاتها على ١٠٠٠ مم نتيجة تساقط الأمطار في فترة قصيرة.
وفي وقت يُتوقع أن تدخل فيه المياه مؤشر أسعار السلع الأساسية المتداولة في البورصة المتوقعة للنظام المالي العالمي الجديد إلى جانب الذهب والمعادن النفيسة الأخرى والحبوب والسكر والموارد الطبيعية الأخرى، لا تزال مياهنا بعيدة عن الخطط وتذهب الى البحر رغم كل ما يجري من تغيرات مناخية وأزمات اقتصادية.
العام الماضي لم ينتج القمح فعلاً في الجبال الساحلية، ومؤشرات هذا العام تقود إلى النتيجة نفسها ولكن ذلك لم ينبه راسمي السياسات المائية إلى خطورة الأمر كمؤشر لبقية الجغرافيا السورية .
تتسع الوديان في الجبال الساحلية والسويداء وبعض مناطق القلمون لأضعاف الكميات المتساقطة من المطر والتي في حال تخزينها يمكن أن تغير من واقع الإنتاج الزراعي وحصة الفرد من المياه، ولكن ذلك يحتاج إلى استراتيجية طويلة قد تصل في مراحلها النهائية إلى ضخ مياه الينابيع القريبة من البحر شتاء إلى خزانات في المناطق الجبلية تمهيداً لاستخدامها حتى في المناطق الداخلية، والضخ يُمكن أن يكون عبر توربينات ريحية لتشغيل المضخات وفي قادم الأيام قد نحتاجها لتشغيل وحدات لتحلية مياه البحر فيما لو استمر الاحتباس المطري.
قبل عقد من الزمن وفي وقت كانت فيه الأمطار أكثر كميات وأطول فترات كان كل مواطن يبني خزاناً للمياه قبل البدء ببناء المنزل كي يقوم بتعبئته من مياه الأمطار، وكان وما زال حتى اليوم هناك قرض يسمى قرض خزان.
حصاد مياه الأمطار يمكن أن يتم بإقامة حواجز بسيطة أو من خلال سدات مائية صغيرة أو من خلال السدود، وهذه المياه يمكن استخدامها في الري التكميلي، ودعم الميزان المائي، وكمورد لسقاية الحيوانات، ودعم البيئة، ويمكن الاستفادة من جريانها في توليد الكهرباء نتيجة الانحدار الشديد وهذا كان وارداً في دراسات سابقة للاستفادة من فارق المنسوب على نهر الفرات بين بحيرتي ” حلبيا وزلبيا ” بحيث تولد المياه المتساقطة الكهرباء التي تقوم بدورها بإعادة تشغيل مضخات المياه لضخ المياه من البحيرة السفلى إلى البحيرة العليا.
تأمين التمويل أسهل بكثير من توليد الأفكار وتنفيذها، فهل استخدمنا تبرير التمويل لتغطية عجز أفكارنا؟ إن تبريرات الحكومة بالعجز المالي عن تنفيذ مثل هذه المشاريع لا يختلف عن عجزها في رسم الاستراتيجيات وفق مراحل زمنية، قصيرة، متوسطة وطويلة الأجل.
من باب الدعابة وليس من باب الإخطار، نصف سكان قريتنا حصلوا على قرض خزان من خزان بيت جيراننا نفسه حيث كانت اللجنة نفسها تكشف على الخزان نفسه وأحياناً أكثر من مرة في الأسبوع.
السابق