حقن دماء السوريين، وضمان استمرار أمنهم وسلامهم، والحفاظ على الوطن، وصون سيادته واستقلاله، هي ثوابت ومسلمات ترتكز عليها القيادة السياسية لتعزيز الوحدة الوطنية، وتوحيد الجهود لمواجهة أعداء الوطن من الخارج، فمنذ بداية الحرب الإرهابية، حددت الدولة السورية خيارات المواجهة، انطلاقاً من نظرتها الثاقبة لأبعاد وأهداف المخطط الإرهابي المعد مسبقاً في مطابخ الاستخبارات الأميركية والصهيونية لاستهدافها، فخاضت المعركة على مسارين متوازيين: “ضرب الإرهاب بقوة، والقيام بمصالحات محلية لمن أراد العودة عن الطريق الخاطئ”، فتمكنت من دحر الإرهاب عن معظم الجغرافية السورية، وأثبتت صوابية رؤيتها بأن الحل الأنجع هو سوري عبر تعزيز الحوار الوطني، وأنه لا مكان لأي عميل خائن ارتضى التبعية والارتهان للأجنبي الغازي والمحتل.
والمرسوم التشريعي الأخير الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد، والقاضي بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30-4-2022 عدا التي أفضت إلى موت إنسان، يصب في خانة مسلمات السياسة السورية لترسيخ الأمان والاستقرار، ويحسب للرئيس الأسد أنه قاد بنفسه منذ بداية الحرب الإرهابية دفة الحوار المباشر مع شرائح واسعة ومختلفة من عموم الشعب السوري، واستقبل تلك الشرائح بصدر رحب، منفتح على الحوار، واستمع إلى كل مشكلاتهم وهواجسهم وآرائهم، لإيمانه العميق بأن هذا الحوار من شأنه أن يقطع الطريق أمام كل المتربصين بالوطن شراً، وخلال مراحل الحرب اللاحقة، لم يترك الرئيس الأسد مناسبة إلا ودعا خلالها المغررين بهم للعودة إلى حضن الوطن، في تأكيد واضح لمبدأ التسامح الذي تنتهجه القيادة السياسية.
وزارة العدل أكدت أنه وتطبيقاً لمرسوم العفو رقم 7 الذي أصدره الرئيس الأسد فقد تم إطلاق سراح مئات السجناء الموقوفين من مختلف المحافظات السورية، وأن جميع السجناء المشمولين بمرسوم العفو سيتم إطلاق سراحهم تباعاً خلال الأيام القادمة، وهذا يثبت مجدداً مدى حرص الدولة السورية على تقديم المزيد من التسهيلات اللازمة لتعزيز مسار المصالحات الوطنية وإعادة المغرر بهم إلى حضن الوطن، حيث المكان الطبيعي لأولئك المغرر بهم، يجب أن يكون إلى جانب الجيش العربي السوري، وفي خندق الشرفاء المدافعين عن الوطن، لتوجيه بوصلة السلاح إلى فلول التنظيمات الإرهابية وداعميها من المحتلين الأميركي والتركي، وكذلك توجيه هذا السلاح إلى صدر العدو الإسرائيلي الذي لا ينفك عن شن اعتداءاته الغاشمة لحماية مرتزقته على الأرض، ولمحاولة منع سورية من استعادة قوتها وتعافيها.
مرسوم العفو الأخير، وما سبقه من مراسيم عديدة تخدم مسار التسامح والمصالحات الوطنية، هو نقطة بداية مرحلة جديدة لكل المغرر بهم، يجب أن يستثمروها في التكفير عن ذنوبهم تجاه أمن وسلامة الوطن، بزج قدراتهم وطاقاتهم لخدمة هذا الوطن، والعمل بروح المسؤولية في الانخراط بالحراك الوطني الشامل الذي تشهده مختلف ميادين وقطاعات العمل والإنتاج، لإعادة ترميم ما دمره الإرهاب، والبناء على ما حققه السوريون من إنجازات متراكمة رغم شراسة الحرب والعقوبات والحصار، فسورية بحاجة لجهود جميع أبنائها اليوم كي تستعيد نهضتها وعافيتها، وتعود أقوى مما كانت عليه.