ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم :
يتبادل بان كي مون والإبراهيمي العزف على الأسطوانة المشروخة ذاتها، ولئن عجز الأول عن تغيير جلده، فقد تكفل الثاني بتبديل جلدته، فيخرجان من العباءة الأممية -سوية-
إلى لعبة الاصطفاف داخل أروقة الحسابات الضيقة، ورغم محاولات التمويه والمراوغة يعود كل منهما «لينضح بما فيه».. لم ينجحا في التعبير أبعد مما هو مرسوم لهما، ولم تنفعهما حالة الاستنساخ.
مقاربات كي مون تعود في كل مرة إلى المربع الأول، وأحياناً تخرج إلى ما قبله لتغرف من أوهام غيره وأضغاث أحلام مرتزقتهم، فيما الإبراهيمي يذهب بعيداً في التطاول ويُخْرِجُ كل ما في الجعبة من تلوّنات إلى أوراقه ليشتبه عليه السراب أمام الأميركي وأدواته في المنطقة، فيغرق في التفاصيل التي لا شأن له بها، ويتدخل فيما لا يعنيه مراراً وتكراراً.
يقزّم الإبراهيمي مهمته، ويحشرها في الزاوية الضيقة، فيما يتكفل كي مون بمصادرة المنبر الأممي، ليكونا في كفّة دون سواها، فجيّرا أدوات الضغط الأممي لتكون جزءاً من لوحة الاستهداف, واستبعدا من القاموس السياسي كثيراً من المفردات التي تحتاجها المهمة الدولية, واستعاضا عنها بمفردات ومصطلحات أدخلاها بالتطفل إلى لائحة المواقف السياسية.
يُسجل لهما سرعة الوصول إلى الاستنتاجات التي يقتضيها أمر العمليات الأميركي ومستجداته، وقدرتهما على نسف آخر ما في رصيدهما عبر مقاربة تشكل تدميراً لأي مصداقية يمكن التعويل عليها.
ويُسجل لهما أيضاً.. كل هذا الدجل والنفاق في القراءات والتقييمات، وهما على عتبة الخروج من التاريخ ليتركا خلفهما سجلاً ملطخاً بالشبهات، وأن يراكما الكثير مما اشتبه عليهما، فضاعا في التفريق بين مهمة أممية تقتضي الحياد والنزاهة والموضوعية، وبين الدخول في سراديب التفسيرات وإبداء المواقف وإطلاق التصريحات التي لا تخدم المهمة ولا تستقيم مع دور المنظمة الدولية.
ندرك -كما يدركان- أن ما يقولانه خروج فظّ على المهمة، وأن تدخلهما في الشأن السوري الداخلي والحديث فيما لا يحق لأحد الحديث فيه سوى السوريين أنفسهم أكثر فظاظة، ونعرف كما يعرفان أن الفشل في تحقيق الوعود والالتزامات جزء من حالة التخبّط التي يدوران في متاهات البحث عن مخارج لها، وأن وصولهما إلى الحائط المسدود جاء بعد أن عجزا عن تنفيذ السيناريو المرسوم.
لكن.. كل ذلك لا يبيح لأي منهما أن يذهب فيما ذهب ولا أن يكون أداة بهذه الطريقة ليعوّض على الفاشلين والمفلسين وأن يتحوّل وسيلة للتسويف والمماطلة، وهما يدركان أن الحكومة السورية قدّمت أكثر مما هو مطلوب، وأن التأجيل والتسويف في الحديث عن جولة جديدة ناتج عن عدم جاهزية أميركا المنشغلة في تفجير الحروب وإشعال المزيد من الجبهات، وأن إحاطة مجلس الأمن قد تأخرت لأسباب ناتجة عن تقاعس الأمم المتحدة وأمينها العام وليس بسبب الحكومة السورية، وأن ما قدّماه مخالف للحقيقة والواقع.
لا ننصح الإبراهيمي الدخول في محاججة بالأدلة والقرائن التي يحتفظ هو ذاته بكثير منها في محاضر اجتماعاته وفي أوراق لقاءاته المتعددة وهي تسجل كل النقاط عليه وليس له فيها ما يحفظ ماء وجهه، ولا يحتاج كي مون إلى تذكيره بجردة حساب يعرف بشخصه ومن في صفه كم فيها من شواهد على تعرجاته والتواءاته وتواريه خلف أحجيات وألغاز وطلاسم للتورية الإعلامية والدجل السياسي والنفاق الأخلاقي.
ما يحتاجه الإبراهيمي كما يحتاجه كي مون.. إعادة نظر متمعّنة وقراءة طويلة ومسهبة لكل ذلك بما فيها الأوراق والملفات وماهية الدور وبيان جنيف ولكل ما نتج وما سينتج، قبل أن يركنا في أرذل العمر ليقولا: لقد فات الأوان ..!!
ويدرك المبعوث الأممي – ولو متأخراً وفي الوقت بعد بدل الضائع – أن كل ما يقوم به لن يجدي نفعاً وقد فات أوانه سواء رافقه في ذلك كي مون أم تركه ينزع شوكه بيديه، لأن السوريين حسموا أمرهم.. لم يسمحوا لأحد في الماضي أن يُملي عليهم أو يتدخل أو يحدد خياراتهم، واليوم.. هم أكثر قناعة أن لا أحد بمقدوره.. ولا أحد مسموح له !!.
a.ka667@yahoo.com