بأجندة تضليلية ونيات لا يُخفى خبثها على أحد ، تستضيف العاصمة البلجيكية بروكسل مؤتمراً سادساً للتدخل بالشأن السوري بعنوان :”دعم مستقبل سورية والمنطقة”، حيث لا يكفّ الاتحاد الأوروبي المرتهن بقراره للولايات المتحدة الأميركية عن محاولات تقمص دور إنساني لا ينسجم مع سلوكياته العدوانية خلال الحرب على سورية، خادعاً نفسه وشعوبه قبل أن يخدع بقية شعوب العالم، ولعلّ السؤال البديهي هنا كيف سيدعم الأوروبيون مستقبل سورية بمعزل عن مشاركة ممثلين عنها وعن مؤسساتها الرسمية..؟!
لقد شهد العالم خلال سنوات الحرب الإرهابية العديد من المؤتمرات والفعاليات المخصصة للشأن السوري – عقد معظمها برعاية أوروبية – لم تجلب سوى المزيد من الويلات والآلام للشعب السوري، إذ تمّ تخصيص الكثير من الأموال لدعم الإرهابيين والمرتزقة وتقديم السلاح لهم بدل تقديم الدعم للحكومة السورية لمعالجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتفاقمة، وهو ما ساهم بتهجير ملايين السوريين داخل وخارج وطنهم، وعرقلة وتأخير الحل السياسي، خدمة لأجندات عدوانية لم يجد فيها الشعب السوري أي مصلحة تعنيه.
الأهداف المعلنة للمؤتمر المزمع عقده لا تشير بأي شكّل من الأشكال إلى الاحتلالين الأميركي أو التركي في الشمال السوري، ولم تأتِ على ذكر العدوان الصهيوني المتكرر على السيادة السورية، أو تتحدث عن الأجندة الانفصالية لمليشيات قسد، ولم تشر إلى التنظيمات الإرهابية المدعومة غربياً في إدلب، إذ لا نستغرب أن يكون لكلّ هؤلاء ممثلون يتحدثون باسم الشعب السوري ويتصنعون الحرص على مستقبله..!
من الواضح أن المؤتمر يجري في أجواء من التسييس والكيدية والرغبة في دفع الأمور نحو الأسوأ، ولا سيما أن أجواء التجييش والتحريض الغربي ضد روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا في ذروتها، ولا شك أن عدم دعوة روسيا إلى المؤتمر – وهي حليف لسورية وشاركت في مؤتمر المانحين – تأتي في إطار استبعاد الجهات الفاعلة في الشأن السوري من أجل تمرير قرارات أو أجندات معادية لسورية وروسيا معاً..
يتجاهل الاتحاد الأوروبي عن عمد أن واشنطن تحتل أراضي سورية وتنهب ثروات الشعب السوري وتحاصره في لقمة عيشه، وتعيق كلّ جهد مبذول لإنجاز الحل السياسي المنشود، وتعارض عودة اللاجئين والمهجرين من دول الجوار وكذلك جهود إعادة الإعمار، وتطرح شروطاً سياسية تقوض سيادة سورية ووحدة أراضيها، إضافة إلى كونها الراعي الأول والأكبر للإرهاب…فهل يجرؤ على الاعتراف بهذه الحقائق؟.