الثورة- حسين صقر:
بعد إحدى عشر عاماً على مضي الحرب الإرهابية على سورية، ودخول المواطن في حالة من اليأس نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة بسبب تداعيات تلك الحرب، والعقوبات الغربية الجائرة والظالمة و أحادية الجانب، لم يتبق أمام السوريين سوى زراعة الأمل لتجديد حيواتهم وتجاوز المحنة التي تسبب لهم فيها داعمو الإرهاب.
نعم لا أحد يستطيع إغفال الظروف المعيشية القاسية التي يمر بها ذلك المواطن، لأنها السبب الرئيسي في الحالة النفسية والعصبية التي تنعكس على علاقاته الاجتماعية في المنزل والعمل والشارع والأماكن العامة، لكننا نحن البشر غالباً ما ننسى نعما كثيرة منَّ الله عز وجل علينا بها، ونتذكر مأساة واحدة فتنغص علينا عيشنا، وكأن مفاتيح السعادة كلها في هذه المشكلة أو تلك، غير مدركين أن أبواب السعادة كثيرة، ولايمكن إحصاؤها، حيث يمكننا إيجاد السعادة بولد متميز من أبنائنا، أو نجدها بصحتنا، أو نجاحنا في العمل ومحبة الآخرين، أو قد نجدها بجار راق متحضر، يتألم لآلامنا ويفرح لفرحنا ويشعر بمعاناتنا، وقد نجدها في ضحكة طفل وحنان أخت وانتظار زوجة، أو قد نجدها في بسمة أو لمسة أم تستقبلنا على مدخل المنزل، أو على وجه محتاج وقد قضينا حاجته، أو بين عيون شخص قدم لنا خدمة نستحقها أو اضطرينا عليها.
مايفرحنا في هذه الحياة أشياء كثيرة، وما يجعلنا نتمسك بالعيش أشياء أكثر، وما علينا إلا أن نتذكر تلك النعم، عندها فقط نرى أنفسنا نحلق في عالم الفرح رغم ما يكتنفنا من متاعب. فمن ينظر حوله يرى فعلاً أن الدنيا مازالت بخير، فما دمنا نصحو بمحض إرادتنا، ولم يوقظنا المرض، فنحن بخير، وما دمنا نعطي المصروف لأبنائنا لقاء دراستهم في الجامعة والمدرسة والدورات التعليمية، حتى لو كان تحصيلها صعبا، ولا ننفقها عليهم في المشافي والسجون، فنحن أيضاً بخير، ومادمنا ننفق ما نجنيه على الطعام والشراب والترويح عن النفس، وليس على الأدوية والأمراض المزمنة والمستعصية، فنحن أيضاً بخير، ومادمنا نسجل الانتصارات المتتالية على الإرهاب، ونسحق أدواته ميدانياً ونفسياً، ونوحّد صفوفنا وتشكيلاتنا لمواجهته، فنحن بخير.
ونصبح أكثر بخير عندما تمتد يد المحاسبة لتقطيع أوصال شبكة الفاسدين ومستغلي حاجات الناس والمتاجرين بقوتهم، وعندما تلغى المحسوبيات والواسطات، وتصبح المكافأة على قدر العمل والعطاء.
اطمئنوا نحن بخير، والحلقة كلما ضاقت كلما فرجت أكثر، وماعلينا إلا أن نتحلى بالصبر ، وراح من الأزمة والحرب الإرهابية على سورية الكثير، ولم يتبق إلا القليل، ومازال هناك الكثير الكثير من الضمائر الحية، ومازال هناك الكثير من الشرفاء الذين يوصلون الليل بالنهار لتبقى راية الوطن خفاقة عالية حرة، ومازال هناك من يعمل بضمير وحس عال بالمسؤولية حتى يعود الوطن معافى كما كان.
بالتفاؤل وحده يعيش الإنسان، وبالتشاؤم يفنى عمره قبل الأوان، فالوطن بحاجة لأن نتفاءل كي نتجاوز الأزمة التي صدرها الأعداء والمبغضون له، وبحاجة لأن نرى النصف المملوء من الكأس كي نتجاوز المحنة التي أرادها لنا الغرباء والأعراب والعملاء وضعاف النفوس والوصوليين، وبحاجة لأن نحيا عمرنا، لأن فيه مايستحق العيش.
فالنظر بإيجابية لحوادث الدهر وأزماته، أو تقلباته حتى وإن كانت تلك النتائج الإيجابية صعبة أو مستحيلة الحدوث، يزرع في داخلنا الأمل ويقوي عزيمتنا، ويدفعنا بقوة نحو المواجهة، لأن الأمل والتفاؤل من خير الصفات والسمات التي يجب أن يتمتع بها كل فرد في المجتمع، وذلك بغض النظر عن المشكلات والأزمات الحقيقية التي يعانيها.
الأثر الإيجابي الذي يعيشه الإنسان في العديد من المواقف حكماً سوف يُحقق نتائج إيجابية، و يقوي النّفس ويجعلها صامدة أمام أي عقبات، كما يعودان على المجتمع والفرد بكلِّ الخير، و من أثر التفاؤل والأمل على الفرد والمجتمع أيضاً هو النهوض بالنفس الإنسانية نحو التقدم والنجاح، وعلى عكس التشاؤم الذي يجلب الفشل، ويجعل من الإنسان سلبياً على نفسه والآخرين.
فالتفاؤل هو السلاح المُدمر لليأس، لأنه يُقرب الأمنيات حتّى لو كانت صعبةَ المنال، حيث من الواجب التيقن أنَّ الأمل موجود مهما حدث، لأن الأمل والتفاؤل من أفضل الطّرق لمواجهة مشكلات الحياة، وبهما يتم الحصول على كل الأمور المرجو تحقيقها.