الملحق الثقافي:سلام الفاضل:
شهد مطلع الألفية الجديدة نقلة نوعية بارزة كرّسها حضور الإنترنت، والمواقع الإلكترونية بشكل فاعل وموسّع حول العالم، حيث بدأت هذه المواقع تتناسخ، وتتضخم، وتزداد عدداً ومحتوى حتى باتت سمة إنسان العصر الحديث الذي غدا في معظم نشاطاته، وأعماله، وحتى رحلاته، ودراساته، وأبحاثه يستمد المعلومة منها، ويلجأ إليها اختصاراً للجهد والوقت.
ورغبةً منه في البقاء على صلة واطلاع على كل ما يستجد ويُستحدث..فأضحت هذه المواقع على اختلاف فحواها هي سمة العصر الحديث، وبات لا يخفى على متابع متمكّن لها، ومتمرّس في القفز والسباحة فيها أنها تغلغلت في مفاصل الحياة كافة، وتنوّعت لتشمل مواقع إخبارية وثقافية، وأخرى تتابع شؤون الموضة والحياة، وثالثة تتصيد أخبار نجوم العالم، ورابعة تُعنى بالأدب وصنوفه، وخامسة دينية، وسادسة اقتصادية… وهكذا، إلى أن خصّت كل جهة نفسها بموقع إلكتروني يُعرّف بها، وينقل ما تقدمه من خدمات، وتنص عليه من قوانين وآليات عمل مختلفة.
كما شهد عام ٢٠٠٤ قفزة نوعية أخرى حيث أنشأ طالب في كلية هارفارد يُدعى مارك زوكربيرج برفقة زميل له في الجامعة موقعاً سيشكل لاحقاً نقلة في عوالم مواقع التواصل السريع، واقتناص المعلومة المقتضبة، ألا وهو موقع الفيس بوك، الذي تبعته مواقع أخرى بُنيت على شاكلته، مع اختلاف في الصورة والمحتوى كموقع اليوتيوب الذي أُسس في عام ٢٠٠٥، وتويتر الذي جاء تأسيسه في عام ٢٠٠٦، لتبدأ مواقع التواصل الاجتماعي هذه بفرد جناحيها في رحلة إثبات حضورها كأداة فاعلة في اختصار المسافات، وتسريع نقل الصورة والمعلومة في أجزاء من الثانية منافسةً في ذلك أهم المواقع الإلكترونية الضخمة، وشبكات التلفزة العالمية، والصحف الكبرى.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ونحن في ظل هذا الضوجان المعلوماتي الهائل، والهيجان الإلكتروني الكبير، هو هل أفادت هذه المواقع الإلكترونية المشهد الثقافي؟ وكيف أثّرت فيه؟ وللإجابة عن هذين السؤالين تحرّينا رأي الأستاذة رباب أحمد مديرة المركز الثقافي العربي في أبي رمانة التي رأت: «إنه من المهم جداً اليوم الاعتراف أننا بتنا في عصر إلكتروني، لا يمكن فيه الاستغناء عن التعامل مع المواقع الإلكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وسواه، بغية إيصال الخبر الثقافي، وتسخير هذه الوسائل الحديثة بهدف تحشيد الحضور الثقافي في المراكز الثقافية، وخاصة في ظل هذا الواقع المالي المأزوم، الذي أفضى أحياناً إلى عدم توافر بروشورات ورقية للدعوة إلى الفعاليات الثقافية، وبالتالي اعتماد مديري المراكز الثقافية على الدعوات الإلكترونية التي ينشرونها عبر صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بمراكزهم، أو التطبيقات الإلكترونية الأخرى كتطبيق «الواتساب» وسواه، بهدف الإخطار عن الفعاليات الثقافية التي تقيمها هذه المراكز».
وأما عن الخدمات التي تقدمها صفحة المركز الثقافي العربي في أبي رمانة فقد بيّنت أحمد: «إن الفعاليات الثقافية التي يقيمها المركز يومياً تتراوح بين فعالية واحدة، إلى ثلاث فعاليات أحياناً، وعليه فإن صفحة المركز الثقافي تختصّ بالإعلان عن مواقيت الفعاليات التي يقيمها قبل ٢٤ ساعة من موعدها، وتحميل صور وملخص مكتوب عن كل فعالية بعد إقامتها، إضافة إلى الإعلان عن تأجيل أو إلغاء أي منها، إلى جانب وجود برنامج أسبوعي ورقي يُكتب ويُعلق في لوحة إعلانات المركز». مؤكدة في ختام كلامها: «إنه على الرغم من أهمية المواقع الإلكترونية، وضرورة مواكبتنا العصر، وأن تكون هذه الصفحات سلاحاً ثقافياً إيجابياً – إن جاز التعبير – فعلينا ألا ننسى أن هذه المواقع الإلكترونية هي مواقع غربية بالنهاية تعاني من ازدواجية المعايير، ولا تسمح بحرية الرأي، وعليه فلا بد أن نحتاط بأرشفة الصور والفعاليات التي تُنشر على هذه الصفحات حفظاً لها في حال حدوث إغلاق، أو إلغاء لأي صفحة من قبل إدارات هذه المواقع».. وساقت مثالاً على ذلك ما حدث للصفحة الأولى للمركز الثقافي العربي – أبو رمانة، التي بلغ عدد متابعيها نحو ١٥ ألف متابع، وأغلقتها إدارة الفيس بوك بعد نشرها عدداً من الفعاليات عن الأسرى الفلسطينيين المتواجدين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وفعاليات أخرى عن القضية الفلسطينية، فأُنشئت إثر ذلك صفحة أخرى جديدة للمركز عام ٢٠٢٠، وصل عدد متابعيها اليوم إلى ٢٠٠٠ متابع.. ويمكن القول ختاماً إن المواقع الإلكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي تلعب اليوم دوراً مهماً في تفعيل المشهد الثقاقي، وتوسيع حضوره، وإيصاله إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور والمهتمين بالشأن الثقافي، وذلك عبر الاستعانة بها في نشر مواقيت الفعاليات ومواعيدها، والاعتماد عليها في تقديم ملخص مكتوب وفوتوغرافي عنها، أو نقلها عبر بث مباشر، وتقارير مصوّرة.
التاريخ:الثلاثاء17-5-2022
رقم العدد :1095
