الثورة – آنا عزيز الخضر:
الصراع هو المحرك الأساسي لعالم المسرح، الذي كشف عوالم البشر ونوازعهم ودوافعهم وميولهم وحقائقهم.. ذلك أنه كلّما كانت محاور الصراع أكثر ضراوة، كلما كانت قادرة على كشف نوازع البشر وخلافاتهم، وتبعات أخرى اجتماعية وسياسية ومادية، وغير ذلك مما ترك بصمات قوية تظهر في مختلف جوانب حياة الناس.
جسد هذه الحالة، العرض المسرحي “روح اليانورا”.. إخراج “مجد يونس أحمد”، وقد تحدث حول الحالة وحول العرض قائلاً:
صراعات كثيرة تركت بصماتها على شخصيات العمل، جعلت لكل منها أفكارها التي تؤمن بها، وتكون تلك الصراعات صورة عن حياتهم وعلاقاتهم، مما جعل ملك الجبن الذي يؤمن بالمال فقط، عرضة ﻻستغلالل محضر الأرواح، كي يحضّر روح زوجته..
تبدأ مسرحية أخرى ضمن المسرحية التي شهدنا في البداية، فـ “بروسبير دوراندو” مازال غير مقتنع أنه يمكن ان يرى زوجته الميتة بشكل مرئي، إلا أن محضر الأرواح يسير في مخططه كما كان يريد، وعند اللحظة الحاسمة، وهي مشهد ظهور روح “اليانورا” بشكل مرئي، يخرّ الزوج على ركبتيه لأنه استطاع أن يرى زوجته، ولكنه لا يستطيع الاقتراب منها ولمسها، ويظن ملك الجبن والبيض بمساعدة الموسيقا، أنها فعلاً زوجته، حيث أقنع محضر الأرواح ممثلة مبتدأة هي “نيتوش برالينه” بتجسيد الدور الذي لا يتعدى مسرحية تمثلها، وتقنع الزبون بأنها زوجته، وتأخذ الكثير من المال، إلا أن ملك الجبن والبيض يفاجئهما بقدومه قبل إكمال البروفة، أو التدريبات على الخطوات التي حاكها محضر الأرواح بدقة بالغة، مستعينا بالموسيقا التي يعتقد أن لها تأثيراً كبيرا على القدرات العقلية، فيدخل “بروسبير دوراندو” إلى محضر الأرواح، ويقدم اعترافه الخطير له بقوله: “أنا لست توما الكافر، ولكن عندما أضع يديها في يدي، سأقول أجل أنا مؤمن، وسأطلب المغفرة وسأقول لكل المشككين، إن الروح حقيقة وأنها توزن بالميزان”، ويبدأ حديث فعليّ بين الزوج وزوجته، يعبران عن شوقهما لبعض، فتكون المفاجأة الكبرى لمحضر الأرواح ان “نيتوش برالينه” تأخذ سيناريو المسرحية إلى مكان يفاجئ محضر الأرواح، ويفقد بعده السيطرة على الموقف بعد أن تنجح الزوجة بإقناع الزوج بأنها تستطيع أن تنزل إليه من خلال تجسدها في جسد فتاة، تسكن عند امرأة أرملة تشبهها كثيراً، وتطلب منه أن يحبها ويدللها ويغمرها بالمال، فيجسدها ويعيشان معا حياة سعيدة.. يفرح “بروسبير دوراندو” بهذا الاقتراح، وينفجر محضر الأرواح الذي خسر زبونه وخسر أمواله، ويصرخ بوجهه ويحاول أن يقنعه أن ثمة خطأ ما قد حدث، في محاولة لانتزاعه من قبضة الممثلة التي امتلكت كل مفاتيح اللعبة لصالحها، ويصرخ محضر الأرواح أن هناك خطأ أدى إلى ظهور هذه بدلاً من زوجته الحقيقة، وما هذه التي يراها إلا روح بلشفية كافرة بدلاً من زوجته الشريفة الطاهرة، إلا أن “بروسبير” اقتنع بما حدث معه بعد أن عقد اتفاقاً مع “نيتوش برالينه” أن يلتقيا عند الأرملة، وتنتهي لعبة الممثلة.. يحاول “بروسبير” أن يؤنب محضر الأرواح الذي يعذب الأرواح البائسة، ويحضه على محاولة إصلاح نفسه وتهذيبها.
