تواصل أميركا عبثها بالمشهد الدولي، وتذهب بعيداً في فتح جبهات أخرى للتصعيد في محاولة بائسة لإنقاذ نفوذها وقطبيتها وسلطتها على العالم الذي بدأ ينفض غبار هيمنتها وتحكمها المطلق بمصيره، خصوصاً بعد أن أضحى ينوء تحت وحشيتها وإرهابها المتنقل من مكان إلى مكان.
تلعب بالنار وشركاؤها الأوروبيون يسيرون خلفها بكل استهتار وتجاهل لخطورة تبعيتهم المفرطة لسياساتها وخياراتها التي تحكمها مصالحها وطموحاتها الاستعمارية والاحتلالية فقط، وهذا ما أثبتته العقود الثلاثة الماضية التي أصبح فيها الموت والإرهاب الأميركي عنواناً للمشهد العالمي بشكل عام.
الطلب الأميركي من فنلندا والسويد الانضمام إلى “الناتو”، هو خطوة تصعيدية خطيرة للغرب، لاسيما في هذا التوقيت الحساس، وهو مواصلة للعبث الأميركي على تخوم الإمبراطورية الروسية، كما أن الترحيب الأوروبي الأعمى والساذج بهذه الخطوة والتعهد بضمان الانضمام السريع للدولتين، قد يشرع الأبواب على المجهول وقد يأخذ الجميع إلى حافة الهاوية.
صحيح أن واشنطن قد تجيد اللعب على حافة الهاوية، لكنها بالمقابل تجيد الهروب والانسحاب والتخلي عندما تستعر نيران الحرب، تجيد الهروب والانسحاب من ساحة المعركة، وتجيد التخلي عن أدواتها وشركائها وأتباعها، وهذه حقيقة أكدتها وأثبتتها التجارب السابقة.
أميركا اليوم ومعها كل حلفائها وأدواتها يعيشون كابوس الهزيمة والاندحار وتراجع القوة والنفوذ وانهيار كل مشاريعهم الاستعمارية والاحتلالية، لاسيما الكيان الصهيوني، لذلك تجدهم جميعاً في حالة من الهستيريا والمجون والجنون والتخبط، وهذا ما يدفعهم للهروب إلى الأمام من خلال التصعيد وإشعال الحرائق، كونه هو الطريق الوحيد من منظورهم لكبح التطورات والتحولات الكبرى التي عصفت بالأجندة الاحتلالية والاستعمارية لكل تلك الأطراف.