الكلام عن قواعدنا وفئاتنا العمرية يقودنا في اتجاهين، أحدهما ماضوي والآخر مستقبلي، وبالطبع يبقى الحاضر هو الأبرز لأنه نتيجة للماضي ومقدمة للمستقبل، ففي الماضي كانت ثمة عناية برياضة القواعد من خلال دروس الرياضة التي يتم تنفيذها فعلياً، ثم تقلص درس الرياضة هذا بالتدريج ليقتصر على ما يقارب العشرين بالمئة من الخارطة المدرسية السورية، وصار يتم تنفيذه جزئيا، وراح بعد ذلك ينحسر، ولكنه طبعاً لم يكن المعول عليه رياضياً، بمعنى أن رياضتنا لم تكن تنطلق من المدارس كالبلدان المتقدمة، بل من الحارات كالبلدان النامية.
لا ننكر أن الاهتمام الجزئي بقواعد الرياضة في السابق أنتج نجوماً لمعوا على مستوى العالم العربي من حراس مرمى ولاعبين تلاهم مدربين، لكنه في عصر المعلومات الذي نعيشه لم يعد مجدياً.
ثمة تجربة رائدة لدينا في هذا المجال في نادي الوحدة الذي تعاقد مؤخراً مع مدرب إسباني لتدريب قواعده، وسبق لهذا المدرب العمل مع الفريق الرديف لبرشلونة، إضافة لمجموعة من الأندية والمنتخبات، وما قام به نادي الوحدة هو قفزة كبيرة للأمام بعيداً عن درس الرياضة، مع الاشارة إلى وجود اهتمام بشكل ما في أندية تشرين وحطين والمحافظة، ولكن هذا الاهتمام لم يرقَ للمستوى الأكاديمي ولايزال عفوياً وغير منظم، ولذلك لا تكون فعاليته كافية لرفد الدوري والرياضة السورية بشكل عام بنجوم كبار.
إن الاهتمام بالقواعد هو رأس الحربة في تطور الرياضة بكل اشكالها، لأنها تعتبر القاعدة الأوسع لكرة القدم وغيرها ونجوم المستقبل، وذلك عبر وضع برنامج خاص لهم يراعي كل الاحتمالات النفسية بإبعادهم عن ضغط منافسات الملاعب واحتساب النقاط وتعزيز امكاناتهم وقدراتهم النفسية والجسمانية واستخراج إمكاناتهم الفنية، حيث يتم فرز الأفضل والتركيز عليه ومنحه أفضل الشروط والفرص.
أخيراً لا وزارة للرياضة عندنا، بل اتحاد رياضي، ونسبة تمثيل الشباب الصغير في قراراته تعادل صفراً بالمئة أو تزيد قليلاً، وهذا يعد بحد ذاته عيباً في طريقة صنع قرار قواعدنا وفئاتنا العمرية الصغيرة، فمن الذي يقرر هنا المستقبل؟ أليس هو الماضي؟ كيف تخرج أجيالنا الجديدة من درس الرياضة إلى الأكاديمية إذا كان القائمون على اتخاذ القرار من أتباع درس الرياضة ولم يسمعوا عن الأكاديمية ولم يروها ؟!