(ستموت في العشرين).. أن تحيا على أطراف “العيش”..

الثورة – لميس علي:
أو ربما أن تحيا على رؤوس أصابع “رغبتك” بالعيش.. غير ذي جرأة لاقتحام الحياة.. منتظراً الموت إثر نبوءة أو فأل عُرف ذات صدفةٍ.
هكذا سيأخذنا الفيلم السوداني “ستموت في العشرين”، إخراج أمجد أبو العلا، إلى سرد حكاية الفتى الرضيع (مزمّل) الذي تحمله أمه (سكينة) ليباركه شيخ إحدى القرى في الريف السوداني.. وهناك يحدث ما لم يكن متوقعاً..
في اللحظة التي ينطق بها الشيخ عبارته (وليجعل له من العمر)، يسقط أحد أفراد فرقة الدراويش عند قوله كلمة “عشرين”، فيغدو الأمر (فألاً).. سيحيا “مزمّل” تحت وطأته طوال عمره.. فهو لن يبلغ العشرين عاماً.
شبكة من التناقضات.. الضدّيات.. أو الصراعات يصوّرها العمل.. ويأتي على رأسها الصراع بين الخرافة والعلم..
ولكن أكثرها جمالية تلك التي تتجسد ما بين شخصية المصوّر “سليمان” والفتى “مزمل”.. الأول بوصفه متمرداً والثاني بوصفه خانعاً..
ولما كانت ثيمة “الموت” هي الفكرة الأساس التي تنبني عليها الحكاية، سنلاحظ إخراجياً، أجواء سوداوية هي السائدة بعموم سير قصة البطل.. ما عدا ما يتم عرضه حين يلج “مزمّل” منزل “سليمان” فأجواء حياة هذا الأخير تختلف عن حياة البقية.. وهي ضدية تمّ توظيفها بدقة.
يغرق العمل بتصوير البيئة والتراث السوداني بصرياً وحتى سمعياً عبر الأزياء وبعض الأغاني التي تُعرض ضمنه.
ولابأس من التقاط جماليات تلك البيئة على الرغم من كون غاية العمل محاربة عقليتها وعفن تقاليدها التي تُعْلي من شأن الغيبيات والخرافات.
تمرّ أحداث (ستموت في العشرين)، بإيقاعٍ ينهل من خصوصية القرى السودانية واقعياً.. ولن يمنع ذلك مخرجه أبو العلا من إضافة شيءٍ من الرمزية التي تتخلله في بعض المشاهد واللقطات.
من أكثر الأشياء تأثيراً، استطاع العمل إيصالها بأسلوبية غاية في الرقة واللامباشرة، كان تصوير بطله “مزمّل” كيف يحيا على أطراف العيش.. يلامس الحياة ملامسة خارجية لا تصل العمق.. فهو لم يتمكن من بناء علاقة مع الأشياء من حوله ولا الأشخاص ولا حتى المكان الذي بقي أسير نبوءته/خرافته.
الشيء الوحيد الذي أتقن فعله طوال عشرين عاماً هو أن يتحاشى الحياة نفسها بانتظار الموت.. وأن يراوغ حدّة الصراع القائم داخله.. أن يسايره.. فيكون خانعاً مستسلماً لمصير رُسم له كقدرٍ يصعب الفكاك منه.
الخاتمة كانت كفيلة برسم خطّ جديد لحياة “مزمّل”، متحرراً من سطوة الفأل الذي لاحقه طويلاً..
وكما لو أنه يجري خلف الحياة نفسها وليس خلف عربة النقل..
يجري خلف الجديد والبعيد بعد أن أتمّ العشرين ولم تقع نبوءة الموت.
(ستموت في العشرين) عُرض مؤخراً ضمن فعالية “بيت السينما- صالة الكندي” التي تأتي بإشراف المخرج والناقد فراس محمد، وكان الفيلم من أفضل أفلام عام 2019، وحصد العديد من الجوائز العربية والعالمية.

آخر الأخبار
مرسومان بتعيين السيدين.. عبود رئيساً لجامعة إدلب وقلب اللوز رئيساً لجامعة حماة   انفجارات في سماء الجنوب السوري منذ قليل إثر اعتراض صواريخ إيرانية أوقاف حلب.. حملة لتوثيق العقارات الوقفية وحمايتها من المخالفات والتعديات تفعيل النشاط المصرفي في حسياء الصناعية تحديد مسارات تطوير التعليم في سوريا تعاون  بين التربية و الخارجية لدعم التعليم خطط لتطوير التعليم الخاص ضمن استراتيجية "التربية"   تجارة درعا.. تعاون إنساني وصحي وتنموي مع "اينيرسيز" و"أوسم" الخيرية بدء توثيق بيانات المركبات بطرطوس الهجمات تتصاعد لليوم الرابع.. والخسائر تتزايد في إيران وإسرائيل صالح لـ (الثورة): أولى تحدّيات المرحلة الانتقالية تحقيق الاستقرار والسلم الأهل مشاركون في مؤتمر "الطاقات المتجددة" لـ"الثورة ": استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة ودعم البحث العلمي قتلَ وعذبَ معتقلين في مشفى المزة العسكري.. ألمانيا تحكم بالمؤبد على أحد مجرمي النظام المخلوع  "تجارة إسطنبول": نجري في سوريا دراسة ميدانية لفرص الاستثمار "الفيتو الأميركي".. هل حال دون اغتيال خامنئي؟.. نتنياهو يعلّق الفساد المدمِّر.. سرقة الكهرباء نموذجاً عطري: العدادات الذكية ليست حلماً بعيداً بل هي حل واقعي عودة أولى للمهجّرين إلى بلدة الهبيط.. بداية استعادة الحياة في القرى بعد التهجير قرار حكومي لمعالجة ظاهرة البنزين المهرب .. مدير محروقات لـ"الثورة": آلية تسعير خاصة للمحروقات لا ترت... القطاع العام في غرفة الإنعاش والخاص ممنوع من الزيارة هل خذل القانون المستثمر أم خذلته الإدارات ؟ آثار سلبية لحرب إيران- إسرائيل سوريا بغنى عنها  عربش لـ"الثورة": زيادة تكاليف المستوردات وإعاقة للتج...