مظفر النواب: دمشق لا تقبل القسمة على اثنين

الثورة:
شاعر عربي الوجه واليد واللسان.. شاعر مطارد من كل الأنظمة التي فضحها.. لم يجد ملاذاً حين ضاقت الدنيا به إلا في دمشق.
مظفر النواب عن ٨٨ سنة يمضي تاركاً وراءه الإرث الشعري من قصيدته القدس عروس عروبتكم.. إلى كل الشعر السياسي في وترياته الليلية.
لم ينس دمشق البيت الدفء الحنون واليد التي بلسمت جراحه.
قال وكتب فيها الكثير.. ومن أجمل ما كتبه نقتطف:
إنها دمشق امرأة بسبعة مستحيلات، وخمسة أسماء وعشرة ألقاب، مثوى ألف ولي ومدرسة عشرين نبياً، وفكرة خمسة عشر إلهاً خرافياً لحضارات شنقت نفسها على أبوابها.
إنها دمشق الأقدم، ملتقى الحلم ونهايته، بداية الفتح وقوافله، شرود القصيدة ومصيدة الشعراء.‌‌‌‌‏
إنها دمشق التي تحملت الجميع، قوادين وحالمين، صغار كسبة وثوريين، عابرين ومقيمين، مدمنين، عضها مقلمو أظفارها وخائبون وملوثون وشهوانييون…
رَضَّعت حتى جفَّ بردى، فسارعت بدمها بشجرها وظلالها، ولما نفقت الغوطة، أسلمت قاسيونها (شامتها الأثيرة) يلعقونه يتسلقونه، يطلون منه على جسدها، ويدعون كل السفلة ليأخذوا حصتهم من براءتها.
إنها دمشق أيها العرب محط سياجكم، ومحط مطيكم، تمنح محي الدين بن عربي‌‌‏، هو من لم تتسع له الأرض، حضنته دمشق تحت ثديها وألبسته حياً من أحيائها.
دمشق التي تتقن كل اللغات ولا أحد يفهم عليها إلا الله جل شأنه وملائكة عرشه.‌‌‌‌‏
دمرَّ هولاكو بغداد وصار مسلماً في دمشق، حرر صلاح الدين القدس وطاب موتاً في دمشق، قدم لها الحسين بن علي، ويوحنا المعمدان، وجعفر البرمكي رؤوسهم كي ترضى دمشق، وما بين قبر زينب وقبر يزيد خمس فراسخ.
إنها دمشق لا تعبأ بكارهيها، وتتفرغ للغرباء الذين ظنوا أنفسهم أسيادها ليستفيقوا فجأة وإذ بهم عالقين تحت أظافرها.‌‌‌‌‏
لديها من الغبار ما يكفي لتقص أثر من سرقها فتحيله متذرذراً على جسدها.‌‌‌‌‏
لديها من العشاق ما يكفي حبر العالم.‌‌‌‌‏ من الأزرق ما يكفي لتغرق القارات الخمس.
لديها من المآذن ما يكفي ليتنفس ملحدوها عبق الملائكة، ومن المداخن ما يكفي “لتشحير” وجه الكون.‌‌‌‌‏
ولديها من الوقت ما يكفي لترتب قبلة مع مُذنَّب عابر، ومن الشهوة ما يدعو نحل الكون لرحيقها.‌‌‌‌‏
لديها من الصبر ما يكفي لتنتشي بهزة أرضية.
لديها من الحبال ما يكفي لنشر الغسيل الوسخ للعالم أجمع، ومن الشرفات ما يكفي سكان آسيا ليحتسوا قهوتها ويدخنوا سجائرهم على مهل.‌‌‌‌‏
لديها من القبل ما يكفي كل حرمان المجذومين، لديها من النهايات ما يكفي ثمانين ألف رواية، ومن الأجنة ما يكفي لتشغيل الحروب القادمة.
‌‌‌‏و لديها نساء بكل ألوان الطيف وما فوق وتحت البنفسجي والأحمر.‌‌‌‌‏
لا فضول لدمشق، لاتريد أن تعرف ولا أن تسرع الخطى، ثابتة على هيئة لغز، الكل يلهثُ يرمحُ يسبحُ، وهي تنتظرهم هناك إلى حيث سيصلون.‌‌‌‌‏
دمشق هي العاصمة الوحيدة في العالم التي لا تقبل القسمة على اثنين في أرقى أحيائها تسمع وجع “الطبالة”، وفي ظلمة “حجرها الأسود” يتسلق كشاشي الحمام كتف قاسيون ليصطادوا حمامة شاردة من “المهاجرين”.‌‌‌‌‏
دمشق لا تُقسم إلى محورين.
دمشق مكان واحد فإذا طرقت باب توما ستنفتح نافذة لك من باب الجابية وإذا أقفل باب مصلى فلديك مفاتيح باب السريجة‌‌‌‌‏ وإن أضعت طريق الجامع الأموي، ستدلك عليه ” كنيسة السيدة ”
لا تتعب نفسك مع دمشق ولا تحتار فهي تسخر من كل من يهدد بترويضها، فتود أن تعانقها أو تهرب منها، تلتقط لها صورة أو تحمضها كلها، تود أن تدخلها فاتحاً أم سائحاً، مدافعاً أو ضحية، ماحياً أو متذكراً كل شيء دفعة واحدة.

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق