الثورة – فاتن أحمد دعبول:
في ذكرى الكبار يتجدد الوفاء، فكيف إذا كان الوفاء لمن وهب حياته ونذر قلمه للكلمة المقاومة والحقيقة الساطعة، وقبل كل شيء قدم حياته قرباناً على مذبح الوطن، الإعلامي والشاعر والباحث شمس الدين العجلاني الذي توفي بعد أن أنهى برنامجه في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ومن قبله ابنه ثائر الذي قضى شهيداً في ساحة المعركة وهو يؤدي واجبه الإعلامي المقدس.
وفي الندوة التكريمية التي أقيمت في مركز ثقافي” أبو رمانة” بمشاركة عدد من الشعراء والإعلاميين توقفوا عند محطات من حياة هذا الأديب الشامل، وسلطوا الضوء على أهم إصداراته وأعماله البحثية والتوثيقية والشعرية، بإدارة الإعلامية إلهام سلطان التي بينت في تقديمها أن الإعلامي شمس الدين العجلاني حمل هموم وطنه، وأخذ على عاتقه مهمة توثيق معالم وطنه فكانت له الكثير من المؤلفات التوثيقية التي تعد من أهم الكتب التاريخية التي تشكل في مضمونها مرجعية لكل باحث أو مهتم.
بطاقة محبة..
وبيَّن د. جهاد بكفلوني” أديب وشاعر” أن احتفاء الأصدقاء والمحبين بالأديب والإنسان الراحل العجلاني هو بطاقة محبة تؤكد أن الراحل ما يزال يسكن حنايا القلوب، فهو شمس أشرقت عطاء ودفئاً، عشق دمشق فرقد في ثراها آمنا، وقد شاء القدر أن يودع ابنه الذي كان نجماً في سماء الإعلام، ودفع ثمن موقفه في حب الوطن والوقوف إلى جانب سورية التي ستبقى سنديانة خضراء لا تنحني.
ورأى بكفلوني أن الشعر هو الأقدر على التعبير، فأرسل قافيته بعد أن عجنها بدم القلب، يقول في قصيدته” أعبر الشمس أحزاني”:
ألا كرمى لشمس الدين أمحو ذنوبك كلها محواً سديدا
أعير الشمس أحزاني ولكن إذا غزلت أشعتها عقودا
وخطت ثائراً وأباه شعراً يضيء الكون قافية شرودا
وأسألها تزور ضريح أمي وقبر أبي غدي أبدي الفقيدا
وترسل دمعها صفواً كدمعي عسى جمري يسامرني برودا.
قامة ثقافية..
ويرى الشاعر محمد حسن العلي عضو اتحاد الكتاب العرب أن الراحل شمس الدين العجلاني خالد في قلوب محبيه، وقد استطاع أن يترك إرثاً كبيراً عن دمشق التي عشقها حد الثمالة، فهذه القامة الثقافية صيغت بحروف من ضوء، وكان له من اسمه النصيب الكبير، فقد حرض دائماً على وضع النقاط على الحروف، والإضاءة على الحقيقة بالبحث والتحليل، فقد وثَّق لنضالات شعبنا، وكتب في سفر الخلود عن كفاح الشعب العربي السوري، فكان شمساً حقيقية تشرق وتتسع محبة وإخلاصاً ووعياً وثقافة.
عشق دمشق و ياسمينها، وتغنى بقاسيون والغوطة وكتب العديد من المؤلفات منها التاريخية والشعرية، منها ما يفضح الاعتداء الفرنسي على دمشق والمجلس النيابي، كما تحدث عن مزاعم اليهود في هيكل سليمان، وغيرها الكثير من الكتب التاريخية والتوثيقية، ومازال في الجعبة الكثير لم يمهله الزمن لينجزها، كما برع في الكتابة عن معشوقتين اثنتين” دمشق وحبيبته الذي شكل معها عائلته المتميزة.
مشروع ثقافي متكامل..
وبيَّن الإعلامي مصطفى المقداد أن استذكار المبدعين هو لإيماننا بأن تجاربهم تعد معالم في سِفر الإنجازات، وشمس الدين العجلاني مثَّل في حياته وإنجازاته مشروعاً ثقافياً متكاملاً، وربما هذه الذكرى تفتح باباً جديداً لمتابعة مشروعه الذي لم يكتمل، فمكتبته الضخمة تضم الآلاف من الوثائق والكثير من المخطوطات، وما أحوجنا اليوم لمتابعة هذا المشروع الثقافي الهام.
وتحدث بدوره عن سيرته في العمل، وكيف كان يقف إلى جانب أصدقائه يقدم لهم المعلومة بمهنية عالية، فقد كان بحق منارة ومعلماً نستجدي به قادمات الأيام للخروج من نفقنا المظلم الذي أدخلنا به الإرهابيون، لكن سنخرج من هذا النفق مادام شمس وأمثاله، فكراً مستمراً فينا، وإننا لمنتصرون.
تخلل الندوة عرض فيلم عن أهم المحطات في حياة الراحل شمس الدين العجلاني بحضور ذوي الراحل وعقيلته المهندسة هدى الحمصي التي قدمت نبذة من سيرة العجلاني الحافلة بالعطاء حتى الرمق الأخير.
