روسيا توجه تحذيراً للولايات المتحدة من عواقب إمداد أوكرانيا بأسلحة صاروخية بعيدة المدى، لما لذلك من تداعيات لا يمكن التنبؤ بها على الأمن العالمي، وتنصح واشنطن وكييف معاً الاعتراف بالواقع الراهن، والصين بدورها تدعو واشنطن للتوقف عن إشعال اللهب في كييف ومشاهدة النار مشتعلة من مسافة بعيدة، وتحثها على إجراء محادثات شاملة مع موسكو، فهل تصغي الولايات المتحدة للتحذيرات الروسية والصينية، وتعيد قراءة حساباتها لمصلحة الأمن والاستقرار الدوليين؟.
المشكلة التي تواجه الولايات المتحدة أنها تجد صعوبة بالغة لجهة التسليم بواقع توازنات القوة الجديدة، والمتغيرات الدولية الحاصلة في سياق مخاض تشكل عالم متعدد الأقطاب، هي حتى الآن لا تريد الاعتراف بالواقع الجديد، وتتكئ على حلفائها لمساعدتها بإعادة ضبط معادلاتها الإستراتيجية للحفاظ على مكانتها القيادية ودورها المهيمن، ويشجعها على ذلك أتباعها الأوروبيون من خلال مواصلة انجرارهم الأعمى وراء سياساتها، وهذا يعطيها دفعاًً قوياً للمضي قدماً بسياستها المدمرة من دون التفكير بعواقبها الخطيرة على الأمن والسلم الدوليين.
الولايات المتحدة، وإلى جانب دعمها المفرط للنظام النازي في أوكرانيا، تواصل حشد الدول الأوروبية ضد روسيا تحت راية “الناتو”، وتعمل على توسيع قائمة هذا الحلف لتسهيل عملية تمدده وتوسعه شرقاً، وتلك الدول تحاول الانقضاض على روسيا عبر خاصرتها الأوكرانية، من دون التفكير بمصلحة شعوبها، وهي حتى الآن تدفع أثماناً باهظة جراء حظرها الاقتصادي تفوق الخسائر الروسية، واستمرارها بهذه السياسة العبثية سيولد المزيد من المخاطر على أمنها، إذ سرعان ما ستجد نفسها في قلب ساحة القتال والمواجهة دفاعاً عن المصالح الاستعمارية لأميركا، بحال ارتكبت الأخيرة أي حماقة عسكرية تجاه روسيا.
إدارة بايدن تزيد من تأجيج نيران الحرب في أوكرانيا وفقاً لمدى استجابة أتباعها في أوروبا لمقتضيات إستراتيجيتها العدوانية، مستغلة افتقاد الساسة الأوروبيين للتفكير العقلاني تجاه تعاطيهم مع مصلحة شعوبهم وأمن دولهم، فالتهديد الأميركي والأوروبي المتصاعد، ومساعي الجانبين لنشر صواريخ بعيدة وقصيرة المدى على تخوم الحدود الروسية في أوروبا، يجعل من موسكو مضطرة لتعزيز وسائلها الخاصة بالتجاوب مع تلك التهديدات الصاروخية، وهذا لن يكون في مصلحة الاستقرار والأمن الدوليين من جهة، وفي مصلحة الأمن الأميركي والأوروبي من جهة ثانية، فإذا كان بإمكان أميركا وحلفائها الأوروبيين البدء بأي حرب محتملة، فبكل تأكيد لن يكون بمقدورهم إنهائها لمصلحتهم. وهذا يملي على إدارة بايدن التفكير ملياً بالتحذيرات الروسية والصينية، فالعالم لم يعد بمقدوره تحمل المزيد من الحماقات الأميركية.