عبد الحميد غانم:
ماذا يمكن أن يقال عن الوجود الأمريكي غير الشرعي في سورية ؟ سؤال موجه إلى المسؤولين الأمميين والمؤسسات والهيئات الإنسانية الدولية والغربية التي تتبجح بالحرص على رفع المعاناة عن الشعب السوري بعد سنوات من الحرب الإرهابية والعدوانية والحصار والإجراءات الاحترازية أحادية الجانب.
ماذا يمكن أن يقال عن هذه الممارسات الأميركية التي تستغل الشأن الإنساني كي تواصل دعمها للجماعات الإرهابية المسلحة التي تمدها بالسلاح والمال وبالخطط الشيطانية التي تزيد من فاتورة القتل والتدمير في سورية.
لصالح من هذه الممارسات هل تساهم في حماية الشعب السوري كما تزعم واشنطن؟ هل تحقق شعارات الحرية وحقوق الإنسان واحترام ثقافة الآخرين كما تدعي؟.
إن ما تدعيه واشنطن من شعارات وأهداف إنسانية ليست إلا كلام حق يراد به باطل.. فهي شعارات لا تمس الشأن الإنساني بشيء.. بل كلها أكاذيب وأضاليل تخفي وراءها أطماعا وغايات استعمارية تفاقم حمى القتل والتدمير في سورية، وتعطل فرص الحل السلمي للأزمة، فمنذ أكثر من عشر سنوات وهذه الأساليب مستمرة بأشكال ووجوه مختلفة فبعد الإرهاب السياسي والعسكري يأتي الإرهاب الاقتصادي وأخيراً وليس آخراً الإرهاب تحت ستار الإنسانية.
فلا يغرنك ما تدعيه أميركا من تحضر ورقي سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، فهي تخفي خلف هذه المظاهر دموية مفرطة وعنصرية مقيتة تتجلى واضحة في سياساتها تجاه المنطقة وقضايا شعوبها، وهي تحاول الإبقاء على حالة التخلف وخلق حالة من الوهن والضعف في أركان دولها كي تبقى عاجزة عن مواجهة المشاريع والمخططات الاستعمارية التي تستهدفها من أجل الهيمنة عليها والسيطرة على مقدراتها، ونهب ثرواتها ومنع عوامل التنمية والتقدم في ربوع بلدان المنطقة، وإعطاء جرعة أمل للكيانات الانفصالية والاحتلالية من أجل التوسع والبقاء بهدف ضرب الوحدة وعرقلة النمو والتطور.
اقرأ المزيد..
الفوسفور الأبيض وتدمير الرقة.. شواهد إرهاب لا تنضب
واليوم تستغل أمريكا وبعض الأنظمة الرجعية في المنطقة الشأن الإنساني في سورية كأداة تسويف ومماطلة وأسلوب خداع وتضليل من أجل تبرير ممارساتها العدائية وانتهاكاتها المتواصلة لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما يتجلى في استمرار الوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي للقوات التركية والأمريكية على الأراضي السورية ورعايتهما لتنظيمات إرهابية وميليشيات انفصالية، والاستمرار في نهب الثروات الوطنية بما فيها النفط والغاز والمحاصيل الزراعية ناهيك عن ممارسة الإرهاب الاقتصادي من خلال فرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب على الشعب السوري.
ولا تأخذ تلك الدول بعين الاهتمام الجهود التي تبذلها الحكومة السورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتحسين الأوضاع المعيشية للسوريين والخطوات العملية لإعادة الأمن والاستقرار في ربوع الوطن السوري وخاصة المناطق التي تحررت من أيدي الجماعات الإرهابية المسلحة، لاسيما التسويات وعمليات المصالحة والعفو الرئاسي الذي نشر الكثير من الأمل والارتياح لدى المواطنين وأعطى دفعا جديدا لاستكمال مسيرة الإعمار والبناء وعودة الأمن والاستقرار لكل ربوع الوطن.. هذه الخطوات الإيجابية من قبل الدولة تجاهلتها واشنطن والمؤسسات الأممية والدولية التي من المفروض أنها تشجع جهود الاستقرار وإعادة الأمن، والتي تصطدم بإمعان أمريكا في ممارساتهما العدوانية ضد سورية وآخرها القرار الصادر مؤخراً عن الإدارة الأمريكية بخصوص منح ترخيص للقيام بأنشطة اقتصادية في مناطق محددة في شمال شرق وشمال غرب سورية التي تسيطر عليها ميليشيات انفصالية وتنظيمات إرهابية ما يمثل دعماً مباشراً من قبل الإدارة الأمريكية لتلك الكيانات غير الشرعية وانتهاكاً فاضحاً لسيادة سورية واستقلالها ووحدتها أرضاً وشعباً ومخالفة واضحة وجسيمة لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومسعى لفرض وضع غير شرعي ونهج تمييزي ضد المواطنين السوريين يستند إلى دعم من يواليها ويخضع لنفوذها مقابل معاقبة قاطني المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية، فضلاً عن أن هذه الممارسات تشجع الجماعات المسلحة ومشغليها من الأنظمة الرجعية لاستكمال مخططاتها الدنيئة لتقسيم سورية وتدمير مؤسساتها وبنيتها التحتية والاقتصادية وجعلها مطية للكيانات والكانتونات العنصرية والسرطانية في المنطقة وخاصة الكيان الصهيوني.