الصيدلانية سارة محمد شاهر أبو سمرة:
يعاني أغلب الناس ممن يتناولون الأدوية بشكل منتظم من تذكر مواعيد تناول الدواء فمنها ما يكون قبل الطعام أو بعد الطعام أو قبل النوم أو على الريق قبل تناول أي شيء، ويعتمد التوقيت المثالي لتناول دواء ما على نوع هذا الدواء والحالة التي نرغب في علاجها، وفي نفس الوقت هناك حوالي 30% من الأدوية لا يشكل الوقت أي أهمية بالنسبة لتناولها، ولكن ينصح بتناول الأدوية في الوقت ذاته من كل يوم.
وقبل الدخول في التفاصيل يجب التأكيد أن المعلومات التي سنذكرها هي معلومات عامة وللاسترشاد فقط، وللتأكد من التوقيت المثالي لتناول دوائك يجب استشارة الطبيب أو الصيدلي، لأن لكل شخص حالته الخاصة ووضعه الصحي الخاص.
في معظم الحالات، لا يعتبر توقيت تناول الدواء مهماً، فمثلاً يمكن تناول مضادات الهيستامين من النوع الذي لا يسبب النعاس لعلاج حمى القش، أو مسكنات الألم عند الحاجة، ولا يهم إن كنت تتناولها صباحاً أم في الظهر أم أثناء الليل، ولكن علينا أن نولي الاهتمام الأكبر للفاصل الزمني بين كل جرعة، كما أنه ينبغي تناول الباراسيتامول كل أربع ساعات على الأقل، وكلما كان الفاصل الزمني بين الجرعتين أقل، كلما زاد خطر الإصابة بالتسمم.
كما أن بعض المشاكل الصحية تستدعي منا تناول الأدوية في أوقات معينة، فمثلاً من المنطقي تناول أدوية النوم -على غرار تيمازيبام- في الليل قبل الخلود إلى النوم، كما يُستحسن تناول بعض مضادات الاكتئاب -بما فيها الأميتريبتيلين والميرتازابين- أثناء الليل نظراً لأنها تسبب النعاس، أما بالنسبة لأنواع أخرى من الأدوية، فيعتبر تناولها في الصباح أكثر منطقية، ويشمل ذلك مدرات البول -مثل فوروسيميد- التي تساعد على التخلص من السوائل الزائدة عن طريق البول.
وفي سبيل فهم السبب وراء ضرورة تناول بعض الأدوية الأخرى أثناء فترات معينة من اليوم، ينبغي أن نفهم وتيرة إيقاعنا اليومي والساعة البيولوجية لأعضائنا الداخلية، حيث تعمل بعض الأنظمة في أجسامنا في أوقات مختلفة، إذ تكون الإنزيمات التي تتحكم في إنتاج الكوليسترول في الكبد مثلاً أكثر نشاطاً أثناء الليل، وهو ما يفسر الفوائد وراء تناول الأدوية المخفضة للكوليسترول -مثل سيمفاستاتين- في الليل، وفي حالات معينة، يجدر تناول الأدوية فقط خلال أيام معينة من الأسبوع، فمثلاً الميثوتريكسيت هو دواء يستخدم لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي وحالات الصدفية الحادة، ويعتبر توقيت تناوله أمراً بالغ الأهمية، كما ينبغي أن يتناوله المريض في اليوم ذاته ومرة واحدة في الأسبوع.
وإذا كنت تتبع طريقة خاطئة في تناولها، فيُحتمل أن يؤدي ذلك إلى مواجهة اختلاطات خطيرة، و قد تؤدي إلى الموت.
أما فيما يخص أدوية الضغط، فإن الجسم ينظم ضغط الدم عبر هرمونات تعرف باسم نظام الرينين وأنجيوتنسين والألدوستيرون، ويستجيب هذا النظام لإشارات مختلفة، مثل انخفاض ضغط الدم أو الأنشطة المسببة للإجهاد، ويتحكم في كميات الدم وفي تضييق الأوعية الدموية بهدف تنظيم ضغط الدم لدى الشخص، وقد أثبتت الدراسات أن أدوية ضغط الدم تعمل بفعالية أكبر أثناء الليل.
وقد وجدت هذه الدراسة أن تناول أدوية ضغط الدم في الليل ساعد على التقليل بشكل كبير (بنسبة 45%) من احتمال الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية والنوبات القلبية، مقارنة بتناولها في الصباح.
وهكذا أصبحنا نعرف السبب حول أهمية تناول الدواء في أوقات و ساعات معينة، لذلك علينا التقيد بالمواعيد المحددة لتناول الدواء وفي حال راودتك الشكوك حول التوقيت المثالي لتناول أحدها فاحرص على استشارة الصيدلي أو الطبيب، لتحديد الأوقات المناسبة لضمان السلامة والتقليل من الاختلاطات المحتملة بسبب التناول العشوائي للدواء ودمتم بأتم صحة وعافية.