الملحق الثقافي – كامل الشناوي:
كامل الشناوي في كانون الأول 1908، وقد سماه والده، وكان قاضياً شرعياً، باسم الزعيم الوطني مصطفى كامل، وكان من الواضح أن حمل الفتى لهذا الاسم اشتغل في شكل جيد على حياته، بحيث نراه منذ صباه يهتم بالوطنية والصحافة والثقافة في آن معاً، وصولاً إلى الفخامة إلى «الحزب الوطني» في 1927.. وهو بعد ذلك بثلاث سنوات دخل جريدة «كوكب الشرق» مصحّحاً بعد أن نشرت له الجريدة واحدة من أولى قصائده الوطنية.. ومنذ ذلك الحين سوف يتماشى الشعر والصحافة في مسيرة كامل الشناوي، وسوف نراه منذ العام 1935 وقد انتقل من «كوكب الشرق» إلى صحيفة «الأهرام» حيث عمل مندوباً لها في مجلس النواب، وهو نفس المجلس الذي سيصبح عضواً فيه بعد ذلك بتسعة أعوام.. وكان في أثناء ذلك قد أضحى رئيساً لتحرير «آخر ساعة» وذلك في واحدة من تنقلاته العديدة بين الصحف، حتى استقر أخيراً في صحيفة «الجمهورية» التي أصدرتها حركة الضباط الأحرار، وكان كامل الشناوي واحداً من ستة رؤساء).
طوال ذلك الوقت كله لم يتوقف كامل الشناوي عن كتابة الشعر، وكان ما يميز شعره بساطة لغته، بحيث أن التعابير الفصحى كانت تبدو لديه وكأنها عامية، ما جعل «الجمهور العريض» يحفظ أغنياته، الوطنية والعاطفية، تماماً كما يمكن له أن يحفظ ويردد أشعار بيرم التونسي وصلاح جاهين.. والحال أن اسمي كامل الشناوي وصلاح جاهين، ارتبطا دائماً معاً لكون الاثنين من أبرز الشعراء، وكتاب الأغنية، الذين وقفوا إلى جانب ثورة جمال عبدالناصر ورفدوها بأشهر الأشعار التي كانت سرعان ما تتحول إلى أغنيات من ألحان محمد عبدالوهاب في شكل خاص.. ولقد غنّت أم كلثوم بعض أجمل أغنياتها الوطنية من أشعار كامل الشناوي كما من أشعار صلاح جاهين، كما أن بعض أبرز أغنيات عبدالحليم حافظ العاطفية باللغة الفصحى كانت من كتابة كامل الشناوي.
ومع هذا لم يصدر الشناوي في حياته سوى ديوان شعر واحد هو «لا تكذبي».. أما قصائده الأخرى العديدة فلقد جُمعت بعد رحيله في كتب حملت عناوين «اعترافات أبو نواس» و«ساعات» و«شعر كامل الشناوي»، كما صدرت له كتب نثرية منها «بين الحياة والموت» و«زعماء وفنانون وأدباء».
لا تكذبي ..
إني رأيتكما معا
ودعي البكاء … فقد كرهت الأدمعا
ماأهون الدمع الجسور إذا جرى
من عين كاذبة فأنكر وادعى ! !
***
إني رأيتكما … إني سمعتكما
عيناك في عينيه … في شفتيه
في كفيه … في قدميه
ويداك ضارعتان
ترتعشان من لهف عليه ! !
تتحديان الشوق بالقبلات
تلذعني بسوطٍ من لهيب ! !
بالهمس ، بالآهات
بالنظرات ، باللفتات
بالصمت الرهيب ! !
ويشب في قلبى حريق
ويضيع من قدمي الطريق
وتطل من رأسي الظنون
تلومني وتشد أذني ! !
فلطالما باركت كذبك كله
ولعنت ظني.
لعنت ظني!!
***
ماذا أقول لأدمع سفحتها أشواقي إليك ؟
ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفاً عليك ؟
أأقول هانت ؟
أأقول خانت ؟
أأقولها ؟
لو قلتها أشفي غليلي ! !
ياويلتي ..
لا ، لن أقول أنا ، فقولي ..
***
لا تخجلي .. لا تفزعي مني.. فلست بثائر !!
أنقذتني من زيف أحلامي وغدر مشاعري !
***
فرأيت أنك كنت لي قيدًا
حرصت العمر ألا أكسره
فكسرته !
ورأيت أنك كنت لي ذنباً
سألت الله ألا يغفره
فغفرته !
***
كوني .. كما تبغين
لكن لن تكوني ! !
فأنا صنعتك من هواي
ومن جنوني .. !
ولقد برئت من الهوى
ومن الجنون واري
العدد 1098 – التاريخ: 7 – 6 – 2022
التالي