الملحق الثقافي – سعاد زاهر:
«لن أستطيع القدوم.. أنا بعيد جداً « ما إن قرأت تلك العبارات المقتضبة حتى تناستها تماماً، رغم شعورها بوخز خفيف في روحها، ما فعلته كان مجرد اختبار بلا معنى.
من المؤكد أن بضعة أيام لا تكفي…!
نسيت الفكرة في غمرة انشغالها في توضيب الحقائب، ومن ثم توديعها للدروب التي سارت عليها مراراً، لتلك المطاعم الصغيرة التي أشعرتها أنها تحيا وسط مهرجان أطعمة عالمية، لم تترك صنفاً إلا ونالت منه.
حين اقتربت من باب الطائرة أتاها صوته الهادئ، ارتجفت قليلاً، ولكنها تابعت سيرها بلامبالاة…!
مع بدء الطائرة بالإقلاع استغربت أن كلماته عن «الثبات الانفعالي» تتردد في ذهنها، ولكن أمسكت بهدوء بهاتفها توثق لحظة الإقلاع، نسيت أنها كانت تتمسك بمقعدها وكأنها تقفز من أعلى الأبراج.. وتغمض عينيها حتى تستقر الطائرة، أي أثر تركه…؟!
كلمات بسيطة مقتضبة لكنها معبرة، أسلوبه في إرسال الرسائل بعد مضي بضعة أشهر على قدومها، مع تلك الكمات البسيطة،العميقة تعيدها..
إلى الرمال الساحرة التي مشت عليها ليلاً…
إلى المراكب التي تمنت لو أنها ركبتها…
إلى الأطعمة التي لم تتذوقها…
إلى رقصة رفضتها
وأغنية لم تسمعها..
وهواجس أرقتها
وها هي تشعر أنها انتصرت لذاتها أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي أرعبها…
أي وهم؟
ولم تكتف فلابد من افتعال شجار.. لعبة ما، تعينها على الاحتفاظ بمخاوفها علها توقف تدفق روحه إليها.
بعد مضي أيام قليلة على الغياب هاهي تعيد الاستماع إلى تسجيلاته قائلة في سرها «وتر الحب حين يلامس الروح لحظة واحدة تكفي»…!
العدد 1098 – التاريخ: 7 – 6 – 2022

السابق