لاشك في أن الإبداع السوري ورغم سني الحرب المؤلمة والقاسية لم يتوقف يوماً واحداً، فسورية الحضارة والماضي الذي زها والغد الذي يشرق على العالم بروعة العطاء، لا تزال تفرش دروب التواصل الإنساني والحضاري والثقافي في كل أصقاع الدنيا.
نعم، ثمة حضارات أضاءت الدروب وتواصلت مع الآخرين حيث قدمت علماً ومعرفة وثقافة، والسوريون أصحاب الحرف الأول والأساطير التي غدت ملاحم عالمية وتراثاً إنسانياً يصنعون من الحياة أبجدية تعبق بالأمل والتجدد فتراهم في كل مكان أيديهم تورق حباً وعملاً وجمالاً .
في الأمس القريب، وعلى هامش أسبوع الفيلم السوري المقام في العاصمة العراقية، أقامت دائرة السينما والمسرح العراقية صالوناً ثقافياً يعنى بالدراما السورية، حيث ناقش المجتمعون الإ نجازات المهمة للسينما السورية ودورها الريادي في صناعة الثقافة العربية وتجذيرها وتطورها عبر مراحل متعددة.
ما نشاهده اليوم من مشاركة سورية وحضور السوريين دليل على أن المبدع السوري أثبت وجوده وحضوره سواء في الدراما أو السينما أو المسرح بل كان قادراً على صوغ خصوصيته والتميز بها ووضع رؤية جمالية يقدمها بالشكل الذي يراه مناسباً، هكذا نقرأ ونتلمس إبداع فنانينا ومخرجينا وكتّابنا الذين ينشرون الرسالة السورية العابقة بالعمل والعطاء والأهداف السامية.
من هنا نقول: إن المشروع الثقافي لايقاس بميزان الربح والخسارة، وإنما يقاس بالأهداف والنتائج المتوخاة وهذا صميم العمل السوري الذي يؤمن بأن الثقافة هي المنارة التي تنقذ المجتمعات من الأفكار الظلامية وأن الإنسان المتمكن بالمعرفة والعلم والمطلع على تجارب الآخرين وإنتاجهم الفكري، هو من يصنع النهضة، ويحصد الجوائز والنتائج التي نعتز بها كسوريين .
قدر السوريين أنهم منذرون لكل الأوطان وزيارتهم الأخيرة إلى العراق وغيرها دليل أكيد على سمو التفاعل الحضاري الذي نطمح إليه جميعاً.