(يجب أن تصنف كرة القدم كنوع من الفن) هكذا قال أرسين فينغر المدرب الفرنسي الشهير، وهو كلام شديد الدقة، فكرة القدم تخطت كونها رياضة فقط إلى كونها فناً مستقلاً، بل وفناً ساحراً يتفوق على بقية الفنون من حيث جماهيريته، وصار من الواجب تقييم اللاعب والمدرب كتقييم الفنانين ودور كل منهم في إنجاز العمل، هل كان متفوقاً ساهم بنجاح العمل وجماله؟ أم كان هابطاً أدى بدوره إلى هبوط العمل؟!
نتكلم هنا عن الأسلوب الكروي، ففي حين يتطور أسلوب اللعب أو بالأصح، أساليب اللعب بشكل مذهل في الدول الأوروبية متحولة بذلك إلى فن حقيقي، تبقى كرتنا في حالة يرثى لها وتمارس أنديتنا أساليب لعب بدائية واللاعب السوري محصور بسوق واحد، وفي الخارج فرصه قليلة ولا مجال أمامه للتدريب في مدارس متقدمة بسبب عجز الأندية عن ذلك.
لاعبونا ليسوا فنانين إلا القليل منهم وإذا قيمناهم على هذا الأساس فهم أقرب إلى الكومبارس، وتخيل مسلسلاً كل ممثليه من الكومبارس كيف سيكون؟ أغلب لاعبينا ممن لا يدرك دوره في الملعب ولا يعرف أصلاً ما هي قياسات الملعب قياساً إلى دوره فيه !! فهو لاعب مكان محدد لا يجرؤ على الابتكار داخله ولا خارجه، إن اللاعب المحلي يتعامل مع المجريات وفق مركزه لا بناءً على الارتقاء الجسدي والذهني وهو بذلك يبقى ملتزمًا بالخانة لا بتفاعلاتها ولا يحسب مسافات الملعب، بل يظل في دائرة التشكيلة والأداء التقليدي وهذا بسبب أنه رزح سنوات تحت نمط تدريبي متأخر ولاعتياده على اللعب داخلياً مع فرق تنتهج الأسلوب الدفاعي.
طبعاً، الحلول تبدأ من اتحاد كرة القدم واللجان الفنية في المحافظات لطرح رؤى وأفكار لتطوير اللعبة بشكل عام من المدرب إلى اللاعب، أي تطوير أساليب اللعب ولا شيء يقول إن اللجان الفرعية لديها الخطط الفنية الرامية إلى رفع مستوى اللاعب ولا حديث منها عن تصميم القوالب واعتماد الأساليب، نحن نريد أن تعمل اللجان بجد لا الوقوف في خانة “الحث” فقط.
والحل يكمن بدوره في الأجهزة التي يجب أن تفكر للتغيير والتطوير فإن اللجنة المختصة في الاتحاد السوري لكرة القدم لم تعمل على نقل أساليب اللعب إلى مستويات متطورة وهي قاصرة “حتى الآن” عن تقديم نفسها وصميم عملها بالطريقة المثلى.
إن مثلث النجاح في كرة القدم والكفيل بتحويلها إلى فن مبهر واضح وأضلاعه الثلاثة هي مال كاف ومنشآت حديثة وبناء كرة القدم على مستوى القاعدة، والاستراتيجية بدورها واضحة ولا تحتاج إلا إلى القرار الفعلي والمضي قدماً وعدم الاكتفاء بالكلام، وأول خطواتها تطوير الإمكانات البشرية والمادية والأجهزة الحديثة، أما المرحلة الثانية فتستند على تطوير الذات من النواحي الأكاديمية.
ولانغفل عن دور المدرب المؤهل المتعلم المثقف الذي يستفيد من التكنولوجيا في تسيير أعماله والكوادر البشرية المعدة بطريقة سليمة من مدربين وإداريين وحكام ومنظمين عن طريق وضع برامج مدروسة وإقامة دورات تأهيل وتدريب تخصصية من أجل تأهيل الكوادر بشكل جيد وعلى جميع المستويات للإدارات الفنية والإدارية وخاصة التي تعمل في قطاعات الأعمار الصغيرة لأن هذه القطاعات تحتاج إلى تأهيل خاص.
الكلام سهل ومعروف بل ومتفق عليه، لكن القرار وحده هو الكفيل بنقل دورينا من حالة دوري الكومبارس إلى دوري النجوم، فتطور الكرة تحديداً في أي بلد تعني حتماً حدوث نهضة فيه، والأمثلة كثيرة.