شاعر وقصيدة … بردى

الملحق الثقافي:

نشأ الشاعر يحفزه الإقدام، فهاجر إلى القاهرة عام 1912م وتعاطى فيها التجارة، ثم إلى باريس فأقام فيها مدة طويلة حتى سنة 1925م، ولم تقف مواهبه وعصاميته عند هذا الحد، فهاجر إلى فنزويلا عام 1927، وأقام في العاصمة كراكس، وأنشأ فيها مجلة (الأرزة) لخدمة الجالية العربية هناك، ثم إلى الأرجنتين عام 1947م، وكان موفقاً بأعماله التجارية التي بنيت على أساس من الأمانة والخلق المتين، واشتهر في الأوساط الاجتماعية كتاجر مستقيم، وشاعر ملهم، ووطني صادق نبيل، وقد برز اسمه في السنوات الأخيرة، فأخذت صحف الوطن والمهجر تنشر قصائده، وهو ينظم الشعر في اللغتين الفرنسية والإسبانية.


نشر ديوان النوافل عام 1947م، وقد تجلت فيه قوميته وحنينه إلى وطنه، ورصد ريعه لمؤازرة فلسطين، وأعقبه بديوان (نبضات)، وقد طبعه في باريس عام 1953م، ويحتوي على ثلاثين قصيدة مع رسوم فنية، وكتاب بعنوان (أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأميركية)، أصدرته جامعة الدول العربية، وقد جمع فيه محاضرات ألقاها في معهد الدراسات العربية العالمية في القاهرة عام 1956م.

من يطلع على إنتاجه الأدبي يطرب ويعجب ويعلم أن هذا الشاعر الموهوب يتقد ذكاء وفطنة، والأدب يظهر في حديثه وهدوئه واضطرابه، أسلوبه عربي ناصع في فن جديد، فإذا شاء القدر أن يهجر هذا البلبل الصداح مسقط رأسه ربوع الشام ليشدو فوق أرز لبنان، فإن عاطفته الصادقة لم تحجبه عن وطنه الأصلي، فقام يناجي بردى بقصيدته الرائعة وبأسلوب فياض بالحنين أوقد في قلبه نار المحبة فأنطقه بالشعر أو السحر.
«بردى»
حلمت أني قريب منك يا بردى
أبلُّ قلبي كما بل الهشيم ندى
ونصب عيني من البلدان أبدعها
سبحان من أبدع السكان والبلدا
دمشق أعرفها بالقبة ارتفعت
بالمرجة انبسطت، بالشاطئ ابتردا
بالطيب يعبق في الوادي، وأطيبه
في تربة الأرض غذاها دم الشهدا
أمشي على الضفة الخضراء مؤتنساً
بالحور والسرو والضفاف، منفردا
وأهبط المنحنى مستنطقاً فمه
صدى الليالي الخوالي لو يعد صدى
تغوص في لجك الثرثار ذاكرتي
على الأغاني التي أسمعتني ولدا
من الهدير على البطحاء مبتدرا
إلى الخرير على الحصباء متئدا
فأنثني وربيع العمر عاودني،

كأنني لم أضعه بالنزوح سدى
يا مورد الغوطة الفيحاء، ما بخلت
بالأطيبين وما ضاقت بمن وردا
أهواك في ثوبك الفضي زركشه
بدر الدجى بشعاع حوله مسدا
أهواك في صفحة للفجر ضاحكة
خط النسيم عليها شعره زبدا
أهواك في قلبك الشفاف لاح به
ظل المآذن والأشجار مطرِدا
أهواك كالليث وثاباً ومقتحماً
كالأفعوان تلوى، كالغزال عدا
أهواك في يقظتي، أهواك في حلمي
أهواك مقترباً، أهواك مبتعدا
قسمت كفك ـ حبًّا بالقطين ـ إلى
أصابع سبعة فاضت عليه جدا
ملأتُ منك يدي بعد امتلاء فمي
ولو قدرت ملأت الصدر والكبدا
حتى أقول لدهر سامني ظمأ
في غربتي ـ لن تراني ظامئاً أبدا
* * *
يا نهر، أثلجت صدري
بالقرب من بعد هجر
آمنت أنك نهري
حلم الليالي صياح الديك نفَّره
فلا دمشق ترى عيني ولا بردى
أفقت لم أجد الأنهار راقصة
والدوح مصطفقاً والعندليب شدا
ما في يدي أثر الماء الزلال ولا
فمي ترطب بالسلسال منه صدى
ولا الجنائن بالأثمار عامرة
وبالصحاب، كأزهار الربى عددا
أصبحت كالنسر مهصور الجناح رأت
عيناه ما قرف الجرح الذي ضمدا
أخفى عن السرب تحت الريش قرحته
فظنه السرب في التحليق قد زهدا
حولي حطام يعاف العيش مالكه
إذ لا يرفّه نفساً منه أو جسدا
وموطن منكر سادت زعانفه
فيه الرطانة فصحى والضلال هدى
وأوجه كجلابيب مرقَّعة
لو استمدت لعاب الشمس لانعقدا
وألسن تلحس الأيدي وتلدغها
كأنها علق في أخدعين مدى
والصحب كثر إذ قرَّبتهم ثلجت
بطونهم وغلت أكبادهم حسدا
آلى عليَّ وفائي ستر عورتهم
فما بنو وطني ـ مهما اعتدوا ـ بعدى
ما لي احتملت سنين البين مصطبرا
واليوم لا صبر لي فيها ولا جلدا
ضممت طيف الأماني حين زار فلم
يترك على الصدر إلا الهم والكمدا
إن أفلت الطير من أسر فعودته
أقسى عليه من الأسر الذي عهدا
والبرق تؤذي حسير الطرف ومضته
لولاه ما أذكر النور الذي فقدا
بئس الحياة حياة لا نعيم بها
إلا لمسترق من نومه الرغدا
إن كان وردك آلا واللقا حلما
يا دهر دعني غريباً ظامئاً أبداً
* * *
يا نهر مأساة عمري
عادت وما زلت تجري
ما أنت يا نهر نهري
* * *
العدد: 1099 تاريخ: 14 – 6 – 2022

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة