هدف الدول الغربية من مواصلة ضخ الأسلحة إلى نظام كييف إطالة أمد الحرب في أوكرانيا، وفق تأكيد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وهذا يعني أن الولايات المتحدة وأتباعها لا تريد حتى الآن التفكير بإنهاء هذه الحرب، وما زالت تبحث عن المزيد من الذرائع لتأجيج نيرانها، والملفت أن بريطانيا تتفرد عن باقي الدول الأوروبية بشدة العداء لروسيا، والتحريض على مواصلة القتال، لحسم الحرب على الأرض، وعدم السماح بإنهاء الأزمة عبر الحوار والمفاوضات.
السلوك البريطاني المتشدد تجاه التعاطي مع مجريات الحرب بأوكرانيا، يتماهى بالمطلق مع الرغبة الأميركية الواضحة بعدم السماح لروسيا الفوز بهذه الحرب، رغم كل التداعيات الكارثية التي أصابت قطاع الطاقة في أوروبا، واقتصاديات الدول الغربية على وجه العموم، فضلاً عما تخلفه هذه الحرب من آثار سلبية على الأمن الغذائي العالمي ككل، وهذا يعني أن الولايات المتحدة وشريكها البريطاني لا يكترثان بمصلحة الشعب الأوكراني بالدرجة الأولى، أو بمصلحة الشعوب الأوروبية بالدرجة الثانية، إذ يبقى الهدف المشترك لكلا البلدين إضعاف روسيا، واحتواء نفوذها المتصاعد على الساحة الدولية.
بريطانيا تأخذ على عاتقها اليوم قيادة دفة الإملاءات الأميركية، والعمل على إجبار باقي الدول الأوروبية لتنفيذ تلك الإملاءات، لإعطاء الولايات المتحدة مساحة مناورة أوسع في استفزاز الصين وشيطنتها على الساحة الدولية، وتهدف بريطانيا من وراء ذلك إقصاء الدورين الفرنسي والألماني لمحاولة بسط نفوذها على قرار الدول الأوروبية بعد خروجها من عباءة الاتحاد الأوروبي، وكذلك لإقناع واشنطن بأنها الذراع الأقوى لها في مواجهة روسيا، والأكثر تشدداً في جعل “الناتو” يسرع من تطبيق مفهوم إستراتيجيته العدائية الجديدة ضد موسكو.
التصعيد البريطاني المتواصل- والأكثر حدة من باقي الدول الأوروبية- ضد روسيا، يشير إلى أن الولايات المتحدة، وعبر تابعها البريطاني تهيئ الأرضية لمرحلة تصادم عسكري مباشر غير محسوبة النتائج، بهدف إعادة تثبيت هيمنتها على الساحة العالمية، ولكن روسيا تراقب عن كثب مسألة ضخ السلاح الغربي إلى أوكرانيا، وكذلك التحركات الأميركية و”الأطلسية” العسكرية على حدودها، وتدرك تماماً مضامين وأبعاد هذه الحشودات، والرسائل السياسية من ورائها، وردها على هذا التصعيد ما زال حتى الآن يأخذ الطابع الدفاعي، ولكنها بكل تأكيد لن تسمح لأميركا وبريطانيا، ومن خلفهما دول”الناتو” بتجاوز خطوطها الحمراء في أوكرانيا، وأي حماقة عسكرية تدفع باتجاهها كل من واشنطن ولندن، لن تكون بكل تأكيد في المصلحة الغربية، وهو ما يملي على أصحاب الرؤوس الحامية في كلا البلدين إعادة التفكير بحساباتهم وتقديراتهم الخاطئة.
السابق
التالي