رغم أنها وجدت لتسهيل مهمة الصحفي في الحصول على المعلومة، إلا أن بعض المكاتب الصحفية تحولت إلى (بريستيج) في المؤسسة أو الوزارة، بل وتخطت مهمتها في بعض الأحيان لتصبح (فلاتر) لاحتكار المعلومة أو حجبها أو توجيهها وممارسة التعديلات عليها، كما أنها في غالب الأحيان تلجأ إلى التعقيد أكثر بربط الحصول على أي معلومة بموافقة الوزير أو المسؤول.
آلية روتينية معقدة قيدت عمل الصحفيين رغم توجيهات رئاسة الوزراء لجميع الوزارات والمؤسسات بتيسير حصول الصحفي على المعلومة، إلا أن تلك الآلية جعلت الحصول على معلومة بسيطة يتطلب أحياناً شهراً كاملاً من تقديم الطلبات، متنقلاً بين مكاتب المؤسسة أو الوزارة للحصول على الموافقات اللازمة، حيث يطالبون الصحفي بإملاء استمارة خاصة بالأسئلة التي يريد الإجابة عنها، حتى ولو كانت متعلقة بأصغر دوائر الوزارة، ليقوم بعد ذلك المكتب الصحفي برفعها إلى الوزير أو المسؤول المعني الذي يطلع بدوره عليها ثم يحولها إلى المسؤول المختص للإجابة خطياً عن تلك الأسئلة ومن ثم إعادتها مجدداً إلى الوزير أو المعني حيث يعيد قراءة الإجابات فيحذف أو يضيف، ثم يرسلها بعد ذلك إلى المكتب الصحفي الذي يوصلها بدوره إلى الصحفي، وغالباً ما تكون المسألة المطروحة قد انتهت وصار مجرد النشر عنها غير مبرر ومن دون أي فائدة بعد كل تلك الدوامة المتعبة!
وإذا ما حدث أي خرق لقواعد اللعبة التي تنتهجها المكاتب الصحفية في تعاملها وتمكن أي صحفي من الوصول إلى معلومات مغايرة تماماً، فإن مدير المكتب الصحفي يحاول التدخل لأجل تعديلها، أما اذا لم تفلح تلك الجهود في إصلاح ما تسببت به المادة الإعلامية، فإنه من أسهل الأمور أن يتم وضع اسم هذا الصحفي عند عامل الاستعلامات كشخص غير مرغوب فيه وممنوع من الدخول.
كما لايفوتنا أن نشير إلى أنه غالباً ما يتم تغيير مدير المكتب الصحفي إثر تغيير المسؤول الأول في الوزارة أو المؤسسة، وهذا ما يؤكد أن معظم المكاتب الصحفية ليس لها أي صفة صحفية بل هي إدارية، فلم لا يتم تعيين مدير المكتب الصحفي من قبل جهة أخرى غير المؤسسة التي يتبع لها، كوزارة الإعلام لكي يكون عمل هذه المكاتب مهنياً وصحيحاً، أو على الأقل وضع معايير مشتركة بين تلك الوزارات أو المؤسسات تحدد صفات من يتسلم مهام العاملين في المكاتب الصحفية، بحيث يقومون بخدمة الصحفي وتسهيل مهمته في الحصول على المعلومة في الوقت المناسب بالتوازي مع الحفاظ على مصلحة الوزارة أو المؤسسة التي يعمل بها.