الثورة- تعليق ريم صالح:
جاءت استقالة رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون- وهو المشهود له سياسياً، وحزبياً، بالنفاق، والاحتيال، وعدم النزاهة- كمحاولة فاشلة لحفظ ما تبقى من ماء وجهه، نتيجة الفضائح السياسية والأخلاقية التي ارتكبها خلال الفترات الماضية.
ويمكن القول أيضا إن هذه الاستقالة لا تعدو عن كونها محاولة للاستثمار بالوقت ما أمكن، وامتصاص غضب الداخل البريطاني، وحنقه، والتي تجسدت فعلياً بتقديم نحو53 وزيراً ومسؤولاً حكومياً استقالاتهم من مناصبهم في حكومة جونسون فاقدة النزاهة، والأخلاق، والموثوقية على حد تعبير المسؤولين البريطانيين.
جونسون فقد زمام السيطرة إذن، ليكتب نهايته بيده، فالخرق اتسع على الراتق البريطاني، ولم يعد هناك أي بصيص أمل لترقيع ما يمكن ترقيعه، فما يواجهه جونسون أشبه بزلزال مدمر أقوى من أي قدرة ممكنة لرئيس الحكومة البريطانية على العناد، والمكابرة، والإصرار على البقاء، فكان لا بد له أن يرضخ في نهاية المطاف، ويقدم استقالته من رئاسة حزب المحافظين، والتنحي فيما بعد عن منصبه كرئيس للحكومة البريطانية، ريثما يتم اختيار رئيس جديد لحزبه الحاكم.
اللافت أن جونسون الذي يواجه اتهامات لم يواجهها أي رئيس حكومة بريطانية سابق بعدم النزاهة، والفشل، والخداع، لاسيما بعد اعترافه بأنه كان على علم بمزاعم عن سلوك غير لائق مقدم ضد نائب الرئيس السابق كريس بينشر عام2019 لكنه رغم ذلك عينه في منصب نائب منسق الجناح البرلماني المحافظ في شباط، اللافت أنه لطالما أصر على موقفه بأنه لن يستقيل مهما جرى، وبأن لديه تفويضا ضخما من انتخابات عام2019، وبأنه سيستمر، لذلك وبناء على هذا الكلام فإننا نستطيع الجزم أن ما قام به ما هو إلا خطوة التفافية على الاستقالة الفورية، باعتبار أنها ستبقيه رئيساً للحكومة، يقوم بتصريف الأعمال حتى الخريف القادم، ومن يومنا هذا إلى ذلك التاريخ، أي إلى تشرين الأول المقبل لا ندري ماذا يمكن أن يحضر جونسون من سيناريوهات تعزز موقعه المهتز، أو تجمل صورته التي وصلت إلى الحضيض.
الجدير ذكره هنا أن مواقف السياسيين البريطانيين، والصحف الغربية، تكاد كلها تصب في بوتقة واحدة، فالكل طالب جونسون بالرحيل، بدءاً من رئيس الوزراء الأسبق جون ميجور الذي اتهم جونسون بالاحتيال، بينما وزيرا الصحة ساجد جاويد والمالية ريشي سوناك شددا في بيان استقالتهما أن الوضع في الحكومة أصبح صعباً لاستحالة الموازنة بين الولاء والنزاهة، وصولاً إلى زعيم حزب العمال المعارض السير كير كرامر الذي قال بعد كل هذا التخبط، والفضائح، والفشل، فإنه من الواضح أن الحكومة تنهار الآن.
أما صحيفة الاندبندنت فقد وصفت جونسون بالمخادع والجريح، وقالت إنه لا يوجد سبب وجيه لبقائه في السلطة، هذا في حين أكدت صحيفة الفايننشال تايمز أن عهد جونسون في طريقه إلى النهاية، بينما قالت صحيفة التايمز أنه كل يوم يستمر فيه جونسون فإن بقاءه يعمق من الإحساس بالفوضى، ولصالح البلاد يتعين عليه الرحيل.
