إن عدم الاستقرار والانقلابات وارتكاب جرائم القتل والفساد والتدمير، الذي يسود الساحة الدولية منذ عقود، ما هو إلا نتيجة لأفعال الولايات المتحدة المشينة، فالتاريخ السياسي الأمريكي يزخر بمؤامرات وانقلابات تم تدبيرها من فوق أو تحت الطاولة، في مناطق شتى من العالم وبإشراف مباشر من الرؤساء الأمريكيين، وسارت تلك المؤامرات ضمن أنفاق ضيقة أرادوا لقطار ديمقراطيتهم المزعومة العبور من خلالها.
الولايات المتحدة في المقدمة دوماً في فن تنظيم الانقلابات بدرجة عالية من الدقة والخبث، وجون بولتون الذي شغل مناصب عديدة في الإدارة الأمريكية، يؤكد ذلك ويعترف بمشاركته في تدبير انقلابات في دول أجنبية دون أن يذكر أسماءها، ويرسخ العقيدة الأمريكية في التخريب والتي امتدت لعقود من الزمن.
الانقلابات مظهر خطير جداً يذهب ضحيتها قتلى في ظل الاضطرابات والفوضى، وعليه فإن اعترافات بولتون تستوجب المساءلة والتحقيق على مستوى دولي، لأن ما صرح به بولتون أمر له وقع كبير وتأثير مدمر، وتدخل سافر في شؤون الدول على نحو تخريبي، يعكر صفو العلاقات الدولية، وأمريكا ترى تدبير ونسج خيوط الفوضى وقتلها المدنيين أمراً لا يستوجب العقاب، أو المساءلة، وتتذرع في كل مرة بأن كل ما تفعله هدفه تعزيز الديمقراطية في البلدان التي تدمرها.
لا شك أن هذا الاعتراف يعتبر تطوراً هاماً في إدانة الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر الدولة الأكثر دعماً للانقلابات وإشاعة حالات عدم الاستقرار في العالم، وهي تقدم الدعم السياسي والاقتصادي لحلفاء الميدان أثناء محاولات قلب الأوضاع بما يتناسب مع مصالحها، وصناعة أنظمة تابعة لها تخدم سياساتها وحروبها، كما هي الحال مع النظام الأوكراني.
محاولات قلب الأنظمة والعبث بسيادة الدول من أخطر ﺍﳉﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺜﻴﺮ ﻗﻠﻖ المجتمع الدولي بأسره، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻻ ﲤﺮ ﺩﻭﻥ ﻋﻘﺎﺏ، ﻭﻳﺠﺐ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﻘﺎﺿﺎﺓ ﻣﺮﺗﻜﺒﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻓﻌﺎﻝ، ما ينجم عنها من قتل وترويع وتدمير، ولا يزال ملف جرائم أمريكا في العراق مغلقاً على انتهاكات وجرائم لا حصر لها، والإفلات من العقاب بات عنوان المراحل التي قطعتها أمريكا في مسلسلها التخريبي، وهذا ما يشجعها على الاعتراف بقباحاتها على ضوء عدم التحقيق أو المساءلة أو إنزال أي عقاب،