في ذروة الضعف

 

في توصيف زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن غير المسبوقة إلى المنطقة – الكيان الإسرائيلي، جدة – قيل الكثير مما له دلالاته التي تشير إلى أزمة الولايات المتحدة وإسرائيل والغرب، وربما إلى ما هو أبعد من أزمة، وصولاً إلى ما يمكن أن يشير إلى ما يسمى “ذروة الضعف”، وهي توصيفات صحيحة دقيقة إذ لم يسبق لأميركا والغرب وإسرائيل كمنظومة أن واجهت وضعاً صعباً ومعقداً كالذي تواجهه، ولم يسبق لهذه المنظومة أن وجدت نفسها أمام التحديات ذات الأبعاد المتعددة التي تواجهها.

زيارة بايدن انطلقت من حالة الضعف والارتباك والخيارات المحدودة، وهو الأمر الذي لا يخفى على أحد وقد بدا واضحاً في التصريحات الأميركية التي كادت تحدد أهداف الزيارة وأولويات المرحلة التي تنشدها واشنطن حتى لو وصل بها الأمر لتقديم تنازلات هنا وهناك، ولتسول هذه الأهداف من عدة أطراف بالمنطقة.

علناً قال بايدن إنه ذاهب إلى “إسرائيل”، وجدة، لخدمة مصالح أميركية مهمة، ولفتح صفحة جديدة في الانخراط الأميركي بتفاصيل العالم انطلاقاً من المنطقة التي لن يغادرها ولن يتركها لروسيا والصين وإيران، حسب التعبير الأميركي، هو ما يعني بوضوح شعور الولايات المتحدة بالضعف والقلق والخطر الداهم على مصالحها، وعلى الكيان الإسرائيلي الذي كان وسيبقى ذراعاً لها وجزءاً من أمنها القومي.

الصفحة الجديدة التي أراد فتحها بايدن في لحظة الضعف، أو في الطريق إلى ذروتها، إذا كان الخليج جاهزاً لمساعدتها على فتحها وتدوين ما تشاء أميركا فيها، فالمستهجن ليس جاهزية الخليج، إنما إعلان الدول الأخرى المشاركة في اجتماع جدة الجاهزية للمساعدة والذهاب بالمخطط الأميركي الإسرائيلي الذي من شأنه أن يحمل الولايات المتحدة ويخرجها والغرب وإسرائيل من المأزق!!.

صحيح أن حديثاً علنياً لم يجر عن تشكيل الناتو الشرق أوسطي خلال اجتماع جدة، لكن من الواضح أن أمر التشكيل يتم إنضاجه على المستوى الثنائي بين الولايات المتحدة من جهة وبين الدول المشاركة منفردة من جهة ثانية، على التوازي مع مضاعفة زخم التطبيع مع إسرائيل ودمجها بالاقليم تمهيداً لتسليمها زمام إدارة الحلف فور تشكيله.

هنا تبرز المفارقات الكبرى التي تجسدها مواقف الدول العربية المشاركة، إذ ما من مبرر لمواقف الالتحاق والتبعية في لحظة الضعف الأميركية الغربية الإسرائيلية إلا ما هو فاضح لجهة فقدان الإرادة والسيادة، وإلا الإمعان في الكذب والنفاق، وإلا في قبول الإذلال والإصرار على بيع القضية والكرامة!!.

هي فرصة تاريخية كانت متاحة أمام الخليج والدول العربية المشاركة باجتماع جدة لإسماع الولايات المتحدة نبرة مختلفة لو كانت هذه الدول تجيد قراءة التحولات العالمية، ولا نقول، لو كان لدى هذه الدول من يجيد المساهمة بكتابة التاريخ!!.

أميركا في ذروة الضعف، معها الغرب وإسرائيل، ليس فقط بسبب الأزمات الكبرى التي ستتعاظم كنتائج للحرب الأوكرانية، وللمواجهة الجارية مع الصين، بل لأن هناك قوى إقليمية ودولية ناهضة تتحدى واشنطن وتقف إلى جانب موسكو وبكين، ولأن دول محور المقاومة في المنطقة تفرض بإنجازاتها تحديات كبرى تساهم في صياغة معادلات قوة من شأنها أن تعمق حالة الضعف لدى منظومة العدوان بالقيادة الأميركية.

مؤسف انخراط دول شقيقة بالمخطط الأميركي الإسرائيلي الجديد، مؤسف تقديمها المساعدة لفتح الصفحة الجديدة التي تحدث عنها بايدن، غير أن ما يغيب عن هذه الدول وواشنطن هو أن هذا الانخراط، وإعلان القدس، وبيان جدة، إنما يمثل جرعة تحريض إضافية لتؤدي دول محور المقاومة بالتعاون مع روسيا والصين وقوى دولية أخرى، واجبها بإحباط المخطط الجديد، وبطيَ الصفحة التي تحدث عنها بايدن، وربما بتمزيقها لتتعمق حالة الضعف في أميركا بلوغاً الذروة التي تسبق التفكك والانهيار.

 

 

 

آخر الأخبار
10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات