” كل ما هو صغير جميل ” مقولة كان يرددها على الدوام المهاتماغاندي للاقتصادي الألماني شوماخر، ومن حينها وحتى اليوم استطاعت الهند أن تحفر لها بصمة بين دول العالم في تجربة المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
والسؤال الذي لابد من طرحه: لماذا لم نستطع حتى اليوم أن نُفعل الكثير من المشاريع الصغيرة والمتوسطة ولا سيما في المجال الزراعي رغم توفر أكثر من ٧٠% من عوامل النجاح وإصدار العديد من القوانين والتشريعات لدعم هذا القطاع الحيوي في اقتصادنا؟ ولماذا لم نستطع أيضاً أن نبدد مخاوف العديد من أصحاب تلك المشاريع لجهة التمويل وضمان أي مخاطر متوقعة ؟ والسؤال الأكثر إلحاحاً: ماهي الأسباب وراء توقف ٤٠% من المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن العمل دون البحث عن الحلول؟
في كل المناسبات الحكومية يتصدر هذا القطاع الأولوية في سلم الأولويات في محاولة لوضعه على السكة الصحيحة، وليس آخرها إطلاق مؤسسة ضمان مخاطر القروض لدعم تلك المشاريع خاصة وأن العائق الأول يتمثل بضمانات التمويل التي تطلبها المصارف.
حتى اليوم اقتصر عمل تلك المؤسسة المأمول منها الكثير على إطلاق موقعها الإلكتروني والذي من خلاله وبحسب تصريحات المسؤولين عن هذه المؤسسة سيساعد أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذين لا يملكون ضمانات كافية في الحصول على احتياجاتهم التمويلية من المصارف الخاصة والعامة .
لكن هل هذا كافٍ، وهل عمل مؤسسة من هذا النوع يُختصر بإطلاق موقع ؟ ما يهم أي مستثمر صغير أن يبدأ بالفعل بمشروعه بدون التفكير بأي مخاطر لأنه مجرد أن يشعر بالخطر سيتوقف ويحجم عن هذا المشروع .
وحتى لا نكون متشائمين سنعطي تلك المؤسسة المزيد من الوقت لترجمة عملها بالفعل على أرض الواقع كي لا تتحول كغيرها من المؤسسات التي أُطلقت لكنها لم تفعل شيئاً.
نحن اليوم أمام اختبار حقيقي لواقع المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي لابد من أن تكون في سلم أولويات العمل الحكومي وهذا يتطلب متابعة حثيثة مع وجود برنامج زمني يحدد من خلاله المشروعات الأكثر أهمية ولاسيما في المناطق الريفية الفقيرة بمعنى التركيز على المشروعات الزراعية أولاً التي ثبت أنها الأساس لأي مشروع صناعي فيما بعد، فالوقت لا ينتظر وكلمة السر باتت معروفة للجميع.