الثورة – بغداد – أحمد حمادة:
من بغداد أمّ الأدباء، وأمّ الأعلام، وأمّ الفلاسفة والحكماء، ممن صنعوا وعينا وثقافتنا يوم كانت عاصمة العالم التي امتدت على مساحات معظم القارات كتوءمتها دمشق الفيحاء.. من مدينة السلام أنار الإعلاميون والفنانون العراقيون والعرب والأجانب سماء بغداد بإبداعاتهم، وقد وفدوا إليها من معظم العواصم والأصقاع، وازدانت حجارتها وأزقتها وأسواقها وأشجارها بحضورهم المميز.
بحلة جديدة، ووسط احتفال بهيج، وبعد توقف لسنوات بسبب جائحة “كورونا”، وعلى وقع جمال الرافدين الحضاري الرائع، انطلقت في الساعات الماضية في العاصمة العراقية بغداد فعاليات مهرجان الغدير الثالث عشر تحت شعار “بين المهنية والأخلاق”، بحضور رسمي وإعلامي وشعبي كبير.
وبدأت فعاليات المهرجان بمشاركة عدد كبير من وسائل الإعلام العراقية والعربية والدولية، إضافة إلى شركات للإنتاج الإعلامي والفني وشركات للبرمجيات، وأخرى منتجة للأجهزة التقنية والهندسية، ومن سورية حضرت صحيفة “الثورة” وعدد من زملائنا الإعلاميين في التلفزيون العربي السوري ومحطاته المتنوعة، وكذلك من مؤسساتنا الإعلامية الوطنية العامة والخاصة.
فعاليات متنوعة
وافتتح المهرجان فعاليات يومه الثاني صباح اليوم الخميس على أرض معرض بغداد الدولي بجولة مفتوحة في معرض الشركات والمؤسسات الإعلامية المشاركة، ثم أقيمت ندوة بعنوان (الكيان الصهيوني والمتغيرات البنيوية في أمنه ووجوده)، تلاها عرض للفيلم الإيراني (هناس).
تكريم نخبة من الفنانين
وكان المهرجان قد كرم يوم أمس الأربعاء نخبة من الفنانين والمخرجين الضيوف ومن سورية تم تكريم المخرج باسل الخطيب والفنانة صباح جزائري والفنانة جيني أسبر، ومن مصر الفنان طارق الدسوقي والفنانة عايدة رياض، ومن العراق الإعلامي فيصل الياسري والفنانة شذى سالم، ومن لبنان الدكتورة سارة قصير، ومن الأردن سهير القاحوش، ومن الجزائر المخرج مصطفى لعريبي والفنانة خديجة مزيني، ومن تونس الفنانة كوثر بلحاج، ومن الكويت الفنان محمد المنصور، ومن إيران الفنان شريفي نيا، والمخرج بهروز شعيبي والفنانة ليلى بلوكات، كما تم تقديم فعالية ثقافية غنائية وطنية تونسية عن القدس وأنشودة إيرانية.
مدير المهرجان: الأمل كبير بتفعيل مواجهتنا لإعلام التضليل
وقبل ذلك رحب مدير المهرجان مضر البكاء بضيوف المهرجان مؤكداً أن صناعة الإعلام في العالم باتت حرفة عالية الإتقان ما يستوجب منا مواجهة إعلام التضليل والتزييف.
وأشار إلى أنه في معركة المحاور الإعلامية في عالم اليوم لابد من وضع الضوابط والأسس التي تمكننا من تحقيق هذا الهدف مشيراً إلى أن الأمل كبير لتطوير أدواتنا ووسائلنا الإعلامية.
وأضاف مدير المهرجان:
نأمل أن تُثري مساهمات المشاركين هذه الدورة من المهرجان مشيراً إلى أنه رغم مما تحظى به صناعة الإعلام من تقدم تقني مطّرد، وانفجار كمّي وكيفي في مساحة ووسائل الوصول وقيادة الرأي العام في الاجتماع والاقتصاد والسياسة فضلاً عن البناء المعرفي والتأثير الوجداني، إلا أنها – كسائر مظاهر الفعل الإنساني- تتجاذبها نزعتان متضادتان، حيث يلتبس فيها أجمل تجليات الإبداع وأنبل قيم الخير بأبشع صور المكر والتضليل وأخبث طرق التحريض على الشر.
وقال البكاء: تفرض علينا تحديات الإعلام المعاصر ومخاطر توظيف المنصات الإعلامية الجديدة -التي يصعب حجبها من جهة مسؤولة- العمل بحرفية ولاسيما أن القائمين عليها يسعون لفبركة المادة الإعلامية وترکيبها أو اختلاقها أو إعادة استخدامها بشکل يؤثر في شحن الرأي العام وتحريك الأحداث لضرب الاستقرار والسلم المجتمعي.
وتحدث مدير المهرجان عن جملة من الضوابط المهنية في حقل الإعلام وأهمها ضرورة احترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وکرامتهم الإنسانية وحرياتهم الدستورية، ومنع کل أشکال التجريح الشخصي والإساءة المادية أو المعنوية، ومنع استغلال السلطة أو النفوذ لانتهاك خصوصياتهم الفردية ومنع خدش الآداب العامة أو التحريض على مخالفة النظام العام أو مخالفة القوانين أو ارتکاب الجرائم أو نشر أو بث صور أو أقوال تمس بالخلق العام أو تستفز مشاعر المواطن والامتناع عن التحريض على الکراهية أو العنف أو الإرهاب أو التمييز على أسس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو الأصل أو المستوى الاجتماعي، وعدم نشر ما يدعو إلى الدعوات العنصرية أو امتهان الأديان أو الدعوة إلى کراهيتها.
واختتم البكاء بالدعوة إلى تلافي القصور بالتشريعات والقوانين في بلداننا لمنع حالة الفوضى في النشر وسوء استخدام مفهوم الحرية على حساب مصالح مجتمعاتنا.