الثورة – آنا عزيز الخضر:
للمبدع السوري وجهة نظره عندما يعيد إنتاج الإبداع، بإحياء أعمال عالمية بلون سوري.. أعمالٌ لها شكلها الخاص واختياراتها التي تميزها..
ها هم الطلبة في السنه الثالثة ـ قسم التمثيل ـ المعهد العالي للفنون المسرحية، يعيدون إلى الواجهة مسرحية “الحضيض”.. تأليف “غوركي”.. إشراف “عروة العربي”.. المسرحية التي حملت إسقاطات عديدة من الواقع السوري…
كل ما حمله العرض من تفاصيل، يوحي بمأساة يعيشها أبطاله الذين هم من سويات معيشية مضنية، بدءا من الجدران المتسخة، إلى مواسير الصرف الصحي البارزة.. الأغطية المتسخة، الكراسي المكسورة والمهملة، الإضاءة الخافتة، الممثلون الكسالى الجالسون على كراسيهم، أو على الأرض، وبملابس متواضعة وأشكال متعبة.. كلهم يبدون وكأنهم يعيشون في الحضيض، غارقون في الأسى والتّعب والضياع..
15 شخصية.. كل شخصية تعيش فى توهان، ولا تملك سوى إطلاق العنان لحرية عواطفها.. ذلك أنها تجعل من القبو الذي تعيش فيه، مكاناً يضج بالحياة، رغم الموت المعشش في ثناياه..
إنهم لصوص وخريجو سجون ومرضى ومشردون، اختاروا حياتهم القيمية الخاصة، التي تتبدل فيها ملامح كثيرة، وتصبح كلها أشبه بتلك الشخصيات، بما تحمله من تناقضات بين الخير والشر، القبح والجمال، الحب والكراهية، الدنس والطهر، المعرفة والجهل، وتناقضات ﻻ تنتهي…
استطاع العرض ان يجسد ملامح واقعية من المجتمع، دون أن يكتفي بنقل حاﻻت من الحياة اليومية، وتكثيفها وتعميقها، بل وقام أيضاً، بوضع هذه الحالات في خدمة قضايا معاشة وآلام وهموم، وقد تم اﻻختيار وفق أولويات امتحان الطلاب، بما يقدمهم كممثلين بمساحات جيدة، وتظهر قدراتهم وما تعلّموه ويؤهلهم للنجاح والإبداع، وسواء في أدوارهم أو أدائهم، وخصوصاً أن العرض تقاطع مع الواقع السوري في حالة فقدان الأمل.. هذا الفقدان الذي جعل شخصيات المسرحية، تعيش نوعاً من اللامبالاة تجاه الأحداث الكبرى..