الثورة – آنا عزيز الخضر:
أجمل العروض، تلك القادرة على مقاربة الواقع رغم قسوته، وهي عروض في منتهى البلاغة، وتعبر عن الألم والقلق والخوف عن طريق الرقص..
من هذه العروض “ذواتنا”.. قدمه طلاب قسم الرقص في المعهد العالي للفنون المسرحية، وقد تألق أداؤهم بأعدادهم المرتفعة، وكانوا على قدر كبير من الاتّساق والانسجام والأداء التعبيري الخلاق، وهي دفعة تعتبر الأكبر في تاريخ قسم الرقص، وقد تجاوز العدد 14 راقصاً وراقصة، فكان أداء الطلبة عبارة عن معزوفات أبدعتها أجسادهم، وعبرت عن معاني كثيرة عبر العديد من الحركات.
قدم العرض حاﻻت كثيرة، وبمهارة منقطعة النظير، وقد قال الطلاب فيه الكثير من الأشياء، وبحركاتهم الراقصة وإشاراتهم البليغة، وكان ذلك لنيل الإجازة في الفنون المسرحية، بإشراف الأستاذ “معتز ملاطية لي”.
“تأقلم”.. هي اللوحة الأولى التي افتتح بها العرض، وقد رأينا عبرها راقصة تخرج من شرنقة، بينما زملائها يعانون أثناء الخروج، ويبدون كأنهم سجناء، ومهما حاولوا فإن حركاتهم تشير إلى أنهم، ما زالوا ضمن قيود ﻻ خلاص منها..
متوالياتٍ حركية تعاد ويكررها الراقصون، وكأنها ارتداداتٌ للشعور نفسه، وليس سعيهم إلا محاوﻻتٍ تعود بالخيبة دائماً..
من أجل ذلك، لم يكن أمام تلك الشخصيات إلا التأقلم، فالخطوات ملئية بالتردد الذي يفرضه الخوف على الجميع..
نعم الخوف، الذي كان محور اللوحات الأساس، وكان الرقص فيها صورة أخرى له، حيث تبدو الممانعة على أشدها، فيبدو كل هذا الخوف من خلال الحركات المتشنجة، وتبدو الرقصات كمن يخوض صراعاً، وتحاول الذوات عبر الرقص، أن تقاوم كل ما يضعفها.. الآلام والخوف والأوجاع.