الثورة – فاتن أحمد دعبول:
رغم اتهامه بتراجع مكانته بين الفنون الأدبية، نراه ينتصر للكلمة الصادقة التي تحلق عبر أجواء الأمسيات والمهرجانات، لتستقر في وجدان كل من يؤمن بأن الشعر لا يزال صوت التاريخ الحقيقي، يوثق، يمجد، ويكلل بالغار بطولات شعبنا وجيشنا العربي السوري.
كوكبة من الشعراء كانوا في ضيافة مركز” أبو رمانة” الثقافي لإحياء مهرجان شعري بدعوة من فرع إدلب لاتحاد الكتاب العرب، بإدارة الإعلامي محمد خالد الخضر.
وقدم المشاركون مختارات من قصائدهم التي تناولت مواضيع اجتماعية ووطنية وأيضاً كانت لسان حال الواقع المأزوم الذي نعيش فيه، وما خلفته الحرب من تبعات لا تزال تحط الرحال في غير شأن من شؤون المجتمع.
فن نخبوي..
وعن دور الشعر في واقعنا الراهن بين الشاعر والإعلامي محمد كنايسي، أنه لم يعد يحظى بتلك المكانة كما في السابق، ويرجع ذلك إلى أسباب عديدة وظروف موضوعية وأهمها تلك الأزمات التي أدت إلى اختلاف الأولويات، حيث تراجعت الحاجة إلى الفنون وتقدمت عليها الحاجات المادية.
وأضاف أن ثمة هوة كبيرة بين الشاعر والمتلقي، وخصوصاً في ظل انتشار الكثير من الشعر الذي لا يرتقي إلى مستوى الذائقة الفنية الحقيقية، لذلك أصبح الشعر نوعاً من الفن النخبوي، والشعر هو نخبوي بامتياز، لكن غربال التاريخ هو الذي سيظهر الأصوات الشعرية الحقيقية التي تكون على قدر ومستوى الإبداع.
ومن قصائده نقتطف:
على وقع هذا الخراب، سأطلق غرباني الناعقة
وألبس أحلى ثيابي، وأشرب كأس المطر
وأكتب آخر أغنية في كتابي
وإذا أتى وقت مغادرة السطور
فقل له: لا شعر في هذه القصيدة، أيها الطفل الصغير
وأخرج أخيراً من مزامير الأسى، لتنام في الصمت الكبير.
نافذة على الحياة
ولأن الشعر بالنسبة له يمثل نافذة لاكتشاف النفس، يقف الشاعر منير خلف من الشعر موقفاً مغايراً فيرى فيه بوابة جديدة لقراءة الذات، ولاكتشاف فن الحياة، وصناعة الأمل لأننا محكومون بالأمل، فيجب أن نصنعه من رحم الألم حتى لو كان الأمر صعباً، لكن أقصى ما يستطيع العاشق أن يفتح نافذة في الكلمة ويقرأ صوته في أقصى حرف في الحياة، يقول في قصيدته” ظلال لغربة المثنى”:
هو المثنى، وصمتي ذاك جمعهما، كلاهما واحد والكل سمعهما
عيناهما رئتا ليل وأنجمه، فإن تكلمت، صار الضوء دمعهما
رأيت عندهما، هماً يوحدهم، وكان ثالثهم، كفان طوعهما
كلاهما يرتدي أنفاس غربته، وكل همهما صوتان رجعهما
في غرفة الروح شهد لا أفارقه، وآخر في دمي، قد ذاب شمعهما.
الكلمة خالدة
أما الشعر في قاموسها الحياتي فيحتل مكانته السامية، وترى الشاعرة أمل مناور، أن للشعر وقع كالسلاح، وللكلمة فعل وتأثير كبير في المجتمعات جميعها، لأنه يعبر عن حالات الناس ويصف أوضاعهم ويبوح بما يجول بخواطرهم من مشاعر، ويحكي همومهم، آمالهم وآلامهم، وحتى أفراحهم، تقول:
مسافرة أنا، عبر المدى، والكون آفاقي، وقلبي مركب أضناه ترحالي، وأوجعه طريق كله حفر
وحطم نبضه الباقي، وأدماني وأرقني، ومزق كل أوراقي، توالى الهم أكواماً، على قلبي، بعكس الريح ألقاني
دروبي كلها تاهت، وروحي في الهوى ضاعت، وليلي طال حتى صار، لا يُدرى، أبعد الليل تشرق شمس دنيانا
ونور الفجر يلقانا، وتصبح نوبة الأحزان أحياناً وأحياناً، أم الليل البهيم أصرّ، أن يبقى
وإن يرحل سيأتي بعده ليل، ويأتي بعد هذا الليل ليل، أقسى وأظلم من سواد قبله؟