في قراءة دوافع العدوان الإسرائيلي الأخير، قد تندفع على الفور ذات الأسباب والأهداف التي لطالما سعى العدو الصهيوني إلى تحقيقها على الأرض، لكن الأهم من ذلك كلّه، أنه وكما في كلّ مرة كان يفشل في تحقيق أي منها ويلقي بنفسه في أعماق العجز والهزيمة.
“إسرائيل” هي ذراع الولايات المتحدة في المنطقة، وهي جزء لا يتجزأ من مشاريعها الاحتلالية والاستعمارية وأيضاً جزء لا يتجزأ من عجزها وهزائمها والتي يبدو أنها أصبحت تنتقل إليها بالعدوى، لذلك لا يمكن قراءة أي تصعيد إسرائيلي بمعزل عن الأجندات والرغبات الأميركية التي تبدو أكثر من واضحة وإلى حدود الوقاحة المعلنة، فأميركا اليوم أخذت قرارها بمواصلة انتهاك عناوين المشهد الدولي بغية محاولة نسف كلّ قواعده التي ارتسمت بفعل التحولات والتطورات الأخيرة، لاسيما تلك التي أنتجتها وأفرزتها العملية الروسية لحماية المدنيين في أوكرانيا.
التصعيد الإسرائيلي ومعه التصعيد الذي تقوم به المجموعات الإرهابية في الشمال السوري، هو امتداد للتصعيد الأميركي الذي يبدو أنه سيأخذ منحى متصاعداً خلال المرحلة القادمة كرد على بدء أفول الزمن الأميركي الذي دخل وباعتراف الأميركيين أنفسهم مرحلة الانهيار الاستراتيجي التي قد تجرف في طريقها كلّ أركان الهيمنة والغطرسة الأميركية وعلى كلّ الصعد والمستويات، سواء أكان ذلك في الداخل الأميركي أم في الخارج حيث الوجود والتواجد الأميركي عسكرياً أو رمزياً.
الإرهاب الصهيو- أميركي قد تجاوز كلّ الحدود وباتت تداعياته تشكّل خطراً على الأمن والسلم الدوليين، وهذا ما حذرت منه دمشق بشكل واضح وصريح، عندما أعادت التأكيد على احتفاظها بحقّ الرد في الزمان والمكان المناسبين، وعندما جددت مطالبتها مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة بممارســـة مسؤولياتهم المعقودة لهم بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وفرض احترام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة على (إسرائيل)، خاصة الالتزام الإسرائيلي بتطبيق بنود اتفاق (فصل القوات وفك الاشتباك) الموقع في جنيف بتاريخ 31 أيار 1974، وهو الاتفاق الذي ينص في فقرته الأولى على وقف إطلاق النار في البر والبحر والجو.