بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة
الرابع والعشرون من تموز، أي في يومنا هذا، يصادف ذكرى إقرار (عصبة الأمم) لصك الانتداب على فلسطين، ذاك الصك الذي مهد لاحتلال فلسطين وتشريد شعبها.
لكن السؤال الأهم اليوم هو: كيف جندت واشنطن وأدواتها في الغرب (العصبة)، ولاحقاً هيئة الأمم المتحدة التي قامت على أنقاضها، لترسيخ هذا الصك الاستعماري؟ وما مدى إمكانية إنصاف الشعب الفلسطيني وإعادة حقوقه من قبل ما يسمى المجتمع الدولي؟
ثم كيف قام الغرب بجعل كل المؤسسات الدولية أداة طيعة لخدمة أهدافه في فلسطين المحتلة، والتي تتلخص بترسيخ وجود الكيان الإسرائيلي الإرهابي، وتثبيت مستوطناته غير الشرعية، وتحقيق الحد الأقصى من أمنه، وكيف استصدر الغرب القرارات التي تنسجم مع مصالحه.
لا نبالغ إن قلنا إن الصك المشؤوم، ومعه وعد بلفور، وقرار تقسيم فلسطين، كانت جميعها وسيلة غربية لاحتلال فلسطين وترسيخ كيان دخيل على أرضها، وإقرار (عصبة الأمم) للصك المذكور كان أخطرها، لأنه مهد لكل القرارات الجائرة بحق الفلسطينيين والعرب لاحقاً، وكان شكلاً خطيراً من أشكال الاستعمار، سمح باستيطان الأرض من قبل يهود الشتات، وتهجير الفلسطينيين منها.
واليوم شرفاء العالم، والمنظمات الحقوقية الدولية، والهيئات الدولية الأهلية، ومنهم الرابطة السورية للأمم المتحدة، يدعون المنظمة الدولية وأمينها العام إلى مراجعة القرارات الجائرة التي رسخها الغرب على مر العقود الماضية، وبالأخص مراجعة قانونية وسياسية وإنسانية شاملة لمائة عام من تعامل عصبة الأمم، ثم الأمم المتحدة، مع شعب فلسطين، وكل القرارات التي صدرت من أجلها ولم تنفذ.
ويدعون أيضاً إلى طي كل ما نتج عن إقرار (عصبة الأمم) الذي مهد لاحتلال فلسطين وتشريد شعبها، وكذلك وضع بند على جدول أعمال الدورة القادمة للجمعية العامة تحت هذه العناوين ذاتها.
ولكن الاستفسار الأهم الآن هو: هل هناك إرادة سياسية من الغرب تسمح للمنظمة الدولية وأمينها العام بذلك؟
لعل الإجابة السريعة والعاجلة عن ذلك تنبئنا بأن الغرب، الذي تآمر على الفلسطينيين والعرب واحتل أرضهم وشردهم ودعم الكيان الإسرائيلي بكل ما يملك، ونشر الإرهاب والفوضى الهدامة في طول المنطقة وعرضها، وسرق ثرواتها، ودمر دولها، لن يفعل ذلك اليوم، ولا غداً، ولا يملك الإرادة السياسية لفعل ذلك، والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، مجرد أدوات طيعة بيد الغرب، وستسير على المنوال الذي سارت عليه على مدى عقود.
ولنا في صك الانتداب خير شاهد، فرغم أنه يؤكد في مادته الخامسة بأن تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن ضمان عدم التنازل عن أي جزء من أراضي الدولة المنتدبة من أراضي فلسطين إلى أيّ جهة أجنبية، فإن الاستعمار البريطاني فعلها وأهدى عبر وعد بلفور المشؤوم فلسطين كلها لليهود، وفوق هذا وذاك جاء في صك الانتداب، وبشكل صريح، بند يقول بتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين، ويشير إلى الفلسطينيين بوصفهم أهالي وليسوا مواطنين، فماذا يمكن أن يرجو العرب والشرفاء في العالم من هكذا مستعمرين بعد الآن؟
صحيفة الثورة تتابع في هذا الملف السياسي محاور عدة عن صك الانتداب وآلية تعامل المجتمع الدولي والأمم المتحدة مع الشعب الفلسطيني، وكيف ساهم الغرب بتشريده واستصدار القرارات التي ترسخ من وجود الكيان الإسرائيلي وسرقة حقوق الفلسطينيين.
رئيس تحرير صحيفة الثورة