لا قبور في الجنة قصص من يوميات الألم

الملحق الثقافي- رياض طبرة:

تستحق مجموعة الزميل الأديب حسام خضور لا قبور في الجنة تقديرين كبيرين، ذلك بأن الكاتب كان بارعاً في المضمون وفي الشكل، وأشير إلى ذلك نظراً لارتباط الشكل بالمضمون من جهة ولما تضمنته من تجديد لشباب القصة القصيرة السورية ما يعني بقاءها رائدة وفي المقدمة من الأجناس الأدبية المتزاحمة على القمة.
قرات هذه المجموعة فتوقفت عند حرفية القاص في السرد واختيار الحدث والنجاح المذهل في جعل القصة صفحات من السلاسة والعذوبة في اللغة والصدقية والنأي عما هو مألوف.
المجموعة لوحات من أدب الحرب فهي من أولها إلى آخرها موقف من الحدث الكبير عرف الأديب حسام الدين خضور كيف يقدم جديداً وجميلاً ومفيداً وماتعاً، وهو يحمل رسالة بل رسائل وطنية وإنسانية، بمنسوب عال من الحس النقدي للواقع وما يعانيه من خلل.
تبدأ المجموعة بقصة صحة الضمير في اللحظة المناسبة وقد صارت عنواناً للمجموعة باستحقاق، ليس في الجنة قبور هي حكاية الفتاة صفية التي فقدت حبيبها أحمد البطل الذي قتل عشرات من الكفار وصعد إلى الجنة، فتقع تحت تأثير حزنها فريسة لمولاها الذي يدخل إلى رأسها ضرورة اللحاق بأحمد إلى الجنة حيث ينتظرها، وهي التي تكره الموت وتخشى عذابات القبر.
تتسلمها واحدة من الجماعة بعدما تحولت إلى مفخخة معدة للتفجير في مدرسة تقوم أمها بالتعليم فيها، لكنها تتجه إلى المقبرة وتفجر نفسها لتريح ما تقدر عليه من عذابات القبر.
في القصة الثانية وهي بعنوان انتقام تطالع عملية انتقام تبعث على الحزن وتحتلك أسئلة مشروعة عن كيفية انحدار العقل لدى الإنسان ليبلغ درجة من الدونية، يحدث الانتقام في معرة النعمان من شيخها الضرير وشاعرنا الخالد أبو العلاء المعري هنا ينجح الكاتب في وصف الانتقام فيحتلك حزن مضاعف كأنك تشهد الواقعة فترى الدماء تسيل فمن هو الأعمى؟
ومن العام إلى الخاص حيث يفقد الراوي ابن أخيه رياض وهو صديق عمره لتنتهي القصة بحفرتين واحدة للشهيد وأخرى لمجمع تجاري لأحد أثرياء الحرب.
(حفرتان) نفلت الواقع إلى الأدب، قالت كل ما تريده بلا حشو أو مبالغة في موقف صريح من واقع مؤلم ينتظر الحرب على الفساد.
(إسماعيل) قصة تستحق أن تدخل المنهاج المدرسي للتعرف عن قرب على واحد من بسطاء سورية وكيف تعامل مع جثمان ابنه الشهيد حيث قبل أن يدفن أي جثمان لشهيد من بين جثامين كانت في المشفى الوطني وقال:كلهم أبنائي لا فرق بين تابوت وآخر…
أما باقي قصص المجموعة فقد يشي العنوان بمضمون القصة دون أن يعني ذلك عدم الاستمتاع بالنص وهي: روبوت عضوي، كاميرا وبندقية، لقد قطعوا أشجار الزيتون، سائق، مريم، زيارة، اللون الرمادي، الجندي الذي صار شجرة زيتون، عيد، قرار صعب، غيوم.
وهكذا فالقصص ذات العنوان بكلمة واحدة تتجاوز نصف قصص المجموعة ثم ذات الكلمتين ثم ذات الأكثر من كلمتين، وهذا يكمل معرفة الكاتب وخبرته في اختيار العتبة النصية من جهة ودورها في الكشف أو الغموض، وكذلك قصر القصة وإيجازها فليس في المجموعة قصة واحدة تدفعك للملل أو تجاوزها.
هذا من حيث الشكل أما أهم القضايا التي اشتغل عليها القاص أو الأصح التي فرضت نفسها عليه فيمكن عدها لا حصرها، وأهمها قيم ومثل الشهادة والدفاع عن الوطن، الإرهاب ثقافة وممارسة، الفساد وتمدده، الرمادية، الفداء والكفاح من أجل القضية القومية.
المجموعة صادرة ضمن منشورات وزارة الثقافة -الهيئة العامة السورية للكتاب العام الماضي.

العدد 1104- 26-7-2022

آخر الأخبار
التعايش المشترك.. أساس لبناء دولة يسودها القانون محامون لـ"للثورة": الدولة تكفل حقوق المواطن وحريات... تحديات مزاولة الهندسة في مرحلة الإعمار.. م. شاكر لـ"الثورة": رفع مستوى الكفاءات ومعايير لتصنيف المك... ضعف الدعم وتأمين السكن بمواجهة عودة المهجرين لدرعا أي دمشق نريد عمرانياً؟ سعيفان: الخطة العمرانية لسوريا ليست مهمة موظفين بيروقراطيين تأخير بترحيل النفايات ببعض مناطق دمشق.. " النظافة ": استقدام آليات ومعدات جديدة وزير الأوقاف: نجاح حج 1446 محطة مفصلية لسوريا " النقد الدولي" أول انخراط مباشر .. وخريطة طريق لإصلاح اقتصادي شامل جديد مؤتمر آبل Apple للمطورين العالميين (WWDC 25) كوريلا: سقوط الأسد غيّر معادلات الشرق الأوسط وأضعف إيران السكري والوراثة.. الجينات ترسم البداية لكن القرار بيدك كوري ميلز: أمر تنفيذي مرتقب من ترامب لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا مبعوث ترامب: واشنطن تخشى اغتيال "الشرع" وتدعو لتأمينه وتوسيع الدعم لحكومته " الثورة " تفتح ملف تفاصيل وخفايا الجدال حول  استثمارات "تعبئة المياه'' الليكو لـ"الثورة": شروط صارم... رفع جودة الخدمات في اللاذقية قبل الموسم السياحي الشيباني يلتقي نظيره الفرنسي في نيس الفرنسية يربط الموانئ البرية والبحرية.. البراد: رفع الطاقة الاستيعابية لـ"معبر نصيب" الصناعيون يطرحون حلولاً إسعافية.. معامل السيراميك بين أزمة الطاقة والتهريب تكاليف الزواج تغتال فرح العرسان  هل يبنى الزواج على الحب..أم على الملاءة المالية ..؟! دراسات لمشاريع تنموية في درعا ضربات جوية تستهدف مناطق بريف إدلب تخلّف قتلى وجرحى