مكبلاً بقمة طهران وبالحبل الطويل المربوط بواشنطن وأوروبا ..يحاول السلطان أردوغان ان يبدو طليقاً بالتلويح بالتوغل غير الشرعي في سورية.. ويصرخ بأعلى حنجرته العثمانية أنا لا أطلب الإذن من أحد إذا ما أردت البدء (بعملية عسكرية في سورية)
إذاً هي النرجسية السياسية تحكم عقل السلطان التركي حتى إذا ما حللت أقواله بدت أكبر من حنجرته وحتى أفعاله، فمجرد أن يقول السلطان أنا (حر) ولا أطلب الاذن من أحد، هذا يعني أن اردوغان مرتبك ومكبل بين اتفاقات أستنة من جهة والإشارات القادمة من عيني الحمار الديمقراطي في البيت الأبيض ..
التوغل التركي في سورية يحتاج لموافقة الناتو لأن تركيا عضو فيه، وبما ان الحلف الأطلسي حبيس القرار الأميركي، فالإذن الأول والأخير يأتي للسلطان من بايدن وبايدن فقط .. وما عدا ذلك لن يجرؤ أردوغان على عملية في الشمال السوري وخاصة أن روسيا وإيران الذي تحدث إليهما في قمة طهران أعلنا تحذيرهما وليس طلبهما للرئيس التركي بإبعاد خيال العملية العسكرية عن سورية
لكن المعركة مصيرية بالنسبة للزعيم الإخواني، فهي معركة بقاء طربوشه في الحكم وخاصة أن الشعبية الأردوغانية في الحضيض، وعلى الرئيس التركي أن يضع ورقة ترحيل اللاجئين في صندوقه الانتخابي .. فهل يبتلع السلطان مافعله خلال أكثر من عشرة اعوام من تجميع واحتجاز للاجئين، ويذهب للاتفاق مع روسيا وإيران حول بدائل العدوان ويسهم في حرق المشروع الأميركي (قسد) أم إنه سيخوض معركة (الكش سلطان) حياً أو ميتاً سياسياً..
يختار أردوغان الوقوف على شفرة القرار، فيحشد، ويتحرش على هيئة عدوانات مصغرة في الشمال السوري والجزيرة ويحتمي بيافطة مكافحة الإرهاب حتى يختبر ردود الفعل الأميركية وحتى الروسية والإيرانية ومن سيقدم له حلولاً سحرية.
فعلاً يحتاج أردوغان إلى ساحر وعراف يفك له الأحجية، حيث وقع في حفرة اللعب على المنتصف بين موسكو وواشنطن، وهو الذي طالما رقص على الحبل فوقها.
دمشق أعلنت موقفها في الساعة الأولى لاختبارات أردوغان ..الجيش العربي السوري سيتصدى لكل عدوان تركي وهو ما يكبل أردوغان فعلاً، فخوض معركة صريحة مع سورية تكلفه ثمناً سياسياً، وقد يكون الضربة القاضية له انتخابياً.. وإلى أن يحصل السلطان العثماني على أي ضوء أخضر سنسمعه كثيراً، يردد ألا أطلب الإذن من أحد، بل يطلب من يسند بقاء طربوشه في الحكم في الانتخابات القادمة.