الثورة – فاتن أحمد دعبول:
تابع اجتماع مجلس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في سورية فعالياته بمشاركة مجموعة من الباحثين والمبدعين السوريين والعرب من الدول المشاركة في الاجتماع.
وفي الندوة التي حملت عنوان” الدولة الوطنية وتحديات الإرهاب” بين مدير الجلسة د. علي دياب أن ثمة فروقات بين الدولة الوطنية والدولة القومية، وأن الدولة الوطنية تعني أن تكون على مسافة واحدة من المواطن، وبقدر ما تكون الدولة قوية، بقدر ما تستطيع أن تتصدى للإرهاب القادم من كل حدب وصوب، ويستشهد بالمقولة” لا أبحث عن القوة التي تميز بين الفوز والخسارة، وإنما أبحث عن الجدار الذي يصد القوة القادمة من الخارج” وسورية هذا البلد الصامد تعد الأنموذج للدولة الوطنية العربية التي شكلت سداً منيعاً في وجه الإرهاب من خلال صمود شعبها العربي السوري وجيشها الباسل وقيادتها المتمثلة بشخص الرئيس بشار الأسد الذي تميز بشجاعته النادرة.
د. جهاد بنوت: ترسيخ الدولة الوطنية
وحول مفهوم الدولة الوطنية وتحديات الإرهاب قدم د. جهاد بنوت، لبنان، أمين شؤون التراث في اتحاد الكتاب اللبنانيين ورقة عمل تحدث فيها عن نشوء الدولة الوطنية وبأنها لم تعد الدولة صورة الحاكم كما كانت سابقاً، بل أصبحت صورة مواطنيها أنفسهم، وهكذا تترسخ الهوية الوطنية كمقدمة أساس للوحدة الوطنية، يجتمع المواطنون جسداً واحداً بما يعنيه هذا الاجتماع من تماسك مواطني واحد، وأي اعتداء على الدولة، يشعر به كل مواطن من المجموع، وسيحافظ عليها لأنها هي وطنه الأساس.
وأضاف: إن هذا الانتماء لا شك يحتاج وعياً سياسياً معمقاً وممارسة عادلة للسلطة، وهذا ما يعزز هذه العلاقة بين المواطن والدولة، وهنا يكتمل بيت القصيد، دولة عادلة ترعى شؤون مواطنيها على المستويات كافة، ومواطنون يبادلونها بتعزيز الانتماء لهويتهم الوطنية، تتجسد عبر ولائهم الحقيقي للدولة والوطن.
وانطلاقاً من معالم أسس الدولة الوطنية ومرتكزاتها، تستطيع الصمود في وجه أي خطر أو أي مشروع إرهابي يطولها في مؤسساتها وشعبها ومواردها، وتشكل الهوية الوطنية الجامعة، البنيان المتراص للشعب في الدولة الوطنية، وسيصبح كل مواطن مسؤولاً، صادق الانتماء والولاء لها.
وينتهي للقول أنه لا يمكن لأي خطر داخلي أو خارجي، وفي المقدمة الإرهاب، أن يتسلل إلى المجتمع والدولة، إذا كان الشعب متراصاً في وحدة وطنية صلبة، والمسؤولية كبيرة في ظل استمرار أطماع الدول الكبرى في بلادنا، ولا سبيل لمواجهتها إلا بترسيخ معالم الدولة الوطنية، دولة المواطنة.
ناصر الرحامنة: تمكين المجتمع المحلي
وفي ورقة العمل المطولة أكد ناصر الرحامنة، الأردن، أنه يتعين على الدول ومن خلال أجهزتها حماية كل الأشخاص الذين يعيشون في نطاق عملها ضد مخاطر الإرهاب، والعمل على احترام وحماية حقوق الإنسان، وهذا بدوره يدفع على مقاومة الإرهاب، مع التركيز على الوقاية والتصدي للتطرف المؤدي إلى الإرهاب، والحرص على حقوق الإنسان، ومبادئ دولة القانون.
ويضيف: هناك تحديات عديدة تواجه الدولة الوطنية وتؤدي إلى ظهور بيئة حاضنة للإرهاب، ومنها تحديات أمنية داخلية وخارجية، وتحديات سياسية واقتصادية، ولا شك التحديات التي يشهدها العالم اليوم ناجمة عن مجمل التحولات الإيديولوجية والجيو استراتيجية والاجتماعية المختلفة، وبحكم الضرورة تؤثر في الدولة الوطنية، داخلياً وخارجياً، اعتماداً على الموقع الجغرافي والانفتاح السياسي وغيرها من المبررات الموضوعية.
والتحديات هي صعوبات ومشاكل ومخاطر تواجه الدولة الوطنية، وتعوق تقدمها وتهدد أمنها واستقرار مصالحها، ومن هذه التحديات، التحديات الفكرية، الثقافية، وتحديات سياسية وأمنية، وأيضاً التحديات الاقتصادية وترافقها تحديات اجتماعية مثل الفقر والبطالة والتزايد السكاني والبعد المجتمعي، واختلاف الأعراق والديانات.
وبدوره بين خطورة الوحش الكبير الإنترنيت وأثره على الأسرة وبالتالي على المجتمع، والدولة بشكل عام، والممارسات غير الأخلاقية على دول العالم الثالث.
ويخلص إلى القول إلى ضرورة إشراك المجتمع جميعه في محاربة الإرهاب، والتركيز على دور الأفراد والمجموعات الخاصة والمنظمات الأهلية وجميع هيئات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص، وذلك بتفعيل أدوارها في الجهود اللازمة لمكافحة الإرهاب، وبالخصوص من حيث الوقاية منه والاستعداد لمواجهته والتدخل السريع لمجابهته وطبعاً للتعافي من مخلفاته.
د. زهير الذوادي: دعم النخب الثقافية
ويعرض د. زهير الذوادي، تونس، لبعض الظواهر الخطيرة التي بدأت تعاني منها الشعوب، ومنها تنامي دور شبكات الإرهاب المسلحة وترابطها مع شبكات الجريمة المنظمة وشبكات التجارة الممنوعة، وبروز بعض الحركات الإرهابية فكرياً وسياسياً، وهيمنة الإرهاب الديني على باقي أشكال العمل الإرهابي في العالم” العربي والإسلامي.
فقد تعددت أساليب الإرهاب وصوره وأهدافه وأصبحت الدول الوطنية هدفه المركزي، الأمر الذي يستوجب فهمه ومقاومته، من خلال رصد أسباب الظاهرة الإرهابية، لتشمل تداخل عوامل اقتصادية واجتماعية وغيرها من العوامل، لذلك يكون التحدي الذي يفرضه الإرهاب على الدولة هو التحدي الفكري.
وهذا ما يدفع إلى ضرورة دعم النخبة الفكرية الوطنية في البلدان المستهدفة في صراعها الشامل ضد الفكر الإيديولوجي والسياسي للإرهاب، وتوسيع دائرة الرد الفكري على الإرهاب إلى مجالات الفن والثقافة ومختلف أصناف العلوم الإنسانية والتربية والبحوث حتى تتبلور ثقافة وطنية وديمقراطية وإنسانية، تشكل نقيضاً للفكر الرجعي.
ويبين أن التحدي الذي يطرحه الإرهاب للدولة الوطنية هو تحدٍ عدواني لعدو داخلي في استقواء بالعدو الخارجي لذلك لا تكون الحالة الإرهابية، في ظل تلك الأحوال، إلا إعادة لطرح المسألة الوطنية.