في إحدى القرى الفقيرة في كمبوديا قرَّر مهندسان معماريان فنلنديان إنشاء مدرسة مهنية لمساعدة السكان في التغلب على ظروفهم المعيشية الصعبة، وطلبا من السكان أنفسهم أن يكونوا هم البناؤون، وأن يعملوا تحت إشرافهما لكي يتعلموا طرق البناء ومختلف المهارات التي يمكنهم استخدامها في ما بعد في بناء بيوتهم أو أي منشآت أخرى.
في النهار كانت المدرسة تستقبل الطلاب من جميع الأعمار، حيث يتولى تعليمهم عدد من المدرّسين ، وكانوا يعلِّمونهم المهن المختلفة لكي يستطيعوا تحويل أحلامهم ومهارتهم إلى فرص عمل فعلية، ومساءً كانت المدرسة تتحول إلى قاعة بلدية، يجتمع فيها أبناء البلدة لاتخاذ القرارات المناسبة والتداول في كيفية إيجاد حلول للمشكلات التي يعانون منها.
أثناء عمله كمتطوع في إحدى دور الأيتام في نيروبي بكينيا، اكتشف كينتون لي حاجة ماسة لدى أطفال الميتم لأن تكون لديهم أحذية. إذ إنّ معظمهم كانوا يسيرون حفاة الأقدام.
وشاهد إحدى الفتيات وقد قطعت الجزء الأمامي من حذائها. وعندما سألها عن السبب، أجابته بأنها قامت بذلك لتسمح بمساحة أكبر لأصابع قدميها بعد أن أصبح الحذاء ضيقاً عليها.
وعندها خطرت له فكرة بدأت تتكون في ذهنه، ماذا لو كان لهؤلاء الأطفال حذاء يتمدَّد؟.
وبالفعل، صمَّم حذاء يمكن له أن يتعدَّل ليكبر خمسة مقاسات فيخدم الطفل من عمر السنتين إلى الست سنوات.
نحن في واقعنا الراهن هذا وبعد حرب ضروس امتدت لسنوات وحصار ظالم ظهر لدينا الكثير الكثير من المشكلات بحاجة إلى حل دون انتظار حتى يحلها الآخرون لنا.
فلماذا لا تكون مشاريع التخرج لمئات المهندسين عبارة عن عمل ميداني في القرى النائية على امتداد الجغرافية السورية التي طالتها يد الإرهاب تدميراً لإعادة إعمارها بتقنيات بسيطة ومواد أولية موجودة في تلك القرى كالطين والأخشاب، كما بنى المهندسان المدرسة في تلك القرية الكمبودية الفقيرة.
يجب أن يبادر أشخاص مختصون وأكادميون لإيجاد حلول وبدائل تخفف عن كاهل المجتمع إفرازات هذه الحرب الظالمة، كمشكلة تأمين الأطراف الصناعية لمن فقدوا أطرافهم من عسكريين ومدنيين، لذلك نحن بحاجة لمبتكرين مبدعين أكثر في هذا المجال يعيدون البسمة لهؤلاء الناس.
وإيجاد حل مثلاً لمشكلة المصاريف المدرسية الموسمية والشهرية الكبيرة على عاتق الأسر الفقيرة، كما فعل صانع الحذاء المتمدد كاختراع حقائب مدرسية متينة يمكن للأخوة أن يتوارثوها، وابتكار ألبسة قوية ورخيصة الثمن.
مشكلة انقطاع الكهرباء، فنحن في سورية لدينا من الكوادر الهندسية العبقرية التي إذا ما أعطيت فرصة فإنها تستطيع إيجاد حل دائم لمشكلة انقطاع الكهرباء.
لا شيء يستطيع أن يقف أمام إرادة الإنسان السوري والدوافع الإنسانية الصادقة، وإذا ما تم استثمار العقول المبدعة لدينا حتى يتحول كل ذلك إلى خطوات فعالة تساعدنا في حل مشاكلنا.