الثورة:
الإنسان ومنذ نشأته فطر على حب التملك، لذلك ومع كل طالع شمس نراه يسعى جاهداً ليضيف إلى أملاكه الشيء الجديد مما لذ وطاب إن كان مالاً أو عقاراً، وهذا حق طبيعي منحه الله له.
ويتملك الفرد منا شعوراً بالرضا لا أروع منه حين يملك المال والعقار والسيارة وإلى آخر القائمة، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو عندما يصل إلى حيازة الملايين، وربما المليارات، ويصبح لديه إمكانية الحصول على كل ألوان الخيرات، هل يمتلك الشجاعة ويقدم جزءاً يسيراً مما يملك للفقراء والمحتاجين والمعوزين واليتامى وأصحاب الحاجة؟
بل هل خطر ببال من امتلك الملايين الفائضة عن حاجته أن يساهم ببناء مشفى أو مستوصف يزيل الألم عن المرضى وكبار السن؟ الإجابة لا تحتاج كثير عناء لفك شيفرتها فالعطاء هو من ميزة الأشخاص الذين يملكون الأخلاق الرفيعة وحب الخير، والمؤمنون بقيمة التكافل الاجتماعي وضرورة أن يعطي الغني الفقير.
هنا لب الموضوع وجوهره، وهنا السخاء يتجلى، ولاسيما أن المعروف هو أن المال يعادل الروح، ومن هنا فإن أصحاب المال والثروة نوعان أحدهما عندما تطلب منه المساعدة يكفهر وجهه وتنتفخ أوداجه ويقول مثلاً: “يا أخي أنا جمعت المال بشق الأنفس وبسهر الليالي وبكد يميني وعرق جبيني” ويرفض أن يساهم بأي شيء، وهذا الشخص رسب في الامتحان واستحق غضب الناس عليه.
وأما النوع الثاني من الناس فهم مختلفون بكل المقاييس نراهم يندفعون كالشلال المتدفق ماء عذباً سخياً يروي الأخضر واليابس، فيندفع كل منهم بكل شجاعة لتقديم ما يطلب منه لأنه يعلم بأن المال هو وسيلة وليست غاية.
فكم من أناس نكبر بهم لأنهم كرماء حقاً وصدقاً، معتقدين بأن السعادة ليست بجمع المال، ولكن الباذل للمال على حبه مسكيناً ويتيماً ومحتاجاً هو السعيد، واعتقادهم بأن الحياة لا تحلو إلا بمساعدة الآخرين، وهؤلاء يبقى ذكرهم في القلوب ويحكى عن كرمهم لأنهم عرفوا حقيقة وجودهم ونراهم يزدادون مالاً وعزاً وجاهاً، وسمعتهم كالمسك يضوع عطره في كل مكان.
وعودة على ذي بدء، الكرم والسخاء شجاعة لا يقوم بها إلا الأقوياء والكبار، وأما البخلاء فيطوى المجتمع ذكرهم إن لم ينتقدهم صباح مساء.
جمال الشيخ بكري