الثورة – – فاتن أحمد دعبول:
يبدو أن الدراما السورية لا تزال تتأرجح بين النجاح تارة والتعثر في أحيان كثيرة، وخصوصاً في فترة الحرب والحصار على سورية، وهجرة العديد من الفنانين إلى الدول العربية، هذا إلى جانب ضعف التسويق والتمويل للدراما السورية، رغم أنها استطاعت في مرحلة سابقة أن تكون الأولى عربياً.
ومن أجل الوقوف عند التحديات التي تواجه الدراما السورية أقامت وزارة الإعلام ولجنة صناعة السينما وبرعاية السيد المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء، ورشة عمل تحت عنوان” الدراما السورية.. صناعة فكر ومسؤولية مجتمعية في قاعة الأمويين” فندق الشام”
وبعد الافتتاح أقيمت الجلسة الأولى بعنوان” صناعة الدراما بين التعثر والنهوض، بإدارة علي عنيز رئيس مجلس صناعة السينما والتلفزيون، قدم خلالها أحمد رضا الحلبي، أمين سر لجنة صناعة السينما والتلفزيون ورقة عمل بعنوان “صناع الدراما”، بين فيها لمحة تاريخية عن الدراما السورية وأهمية الرسالة الإعلامية التي تحملها للداخل والخارج وهي تعتبر من أكثر الرسائل الإعلامية تأثيراً على المتلقي.
ومن ثم انتقل إلى واقع الدراما في الوقت الحالي ومع بداية الأحداث المؤسفة في سورية والمؤامرة الكونية عليها ثم محاربة الدراما السورية في المحطات العربية من خلال مقاطعتها والإحجام عن شراء المنتج السوري الدرامي، لأنها تنقل رسالة إعلامية مهمة، ولأسباب سياسية بحتة.
ومع كل هذه الظروف حاولت الدراما أن تستمر لكن بوتيرة أقل، وقدمت بدورها صورة واضحة عن بطولات الجيش العربي السوري، وأوضحت حقيقة ما يحصل في سورية.
وأشار بدوره إلى تبعات الحرب التي انعكست على ارتفاع تكاليف الإنتاج الدرامي، فمثلاً تكاليف المولدة قد بلغت حوالي مليون ليرة يومياً، وهذا يتطلب بالمقابل تعديل الأسعار ورفع الموازنة المالية الخاصة بشراء الأعمال.
ومن التحديات التي تواجه صناعة الدراما محدودية الأقنية التلفزيونية الوطنية ومحدودية جودة البث، يضاف إلى ذلك هجرة الكادر الفني إلى خارج القطر، وعدم تقيد الجهات العامة بالقوانين والقرارات الداعمة للدراما السورية، كما بين أنه في غياب أقنية التسويق الرسمية، وعدم توفر أقنية خاصة سورية، اضطرت شركات الإنتاج إلى تسويق أعمالها بجهودها الخاصة، ما خلق حالة منافسة بين الشركات بالمحطات العربية تجلت بكسر أسعار الأعمال.
وانتهى الحلبي إلى توصيات أهمها:
إحداث الكيان القانوني المستقل للدراما السورية ليواكب تطور هذه الصناعة، وجعل الرقابة أكثر تطوراً، ومنح حسومات على الرسوم الجمركية لكافة التجهيزات الفنية، ورسم استراتيجية واضحة للدراما السورية.
محسن غازي: وضع استراتيجية وطنية للدراما
وبدوره استمع الفنان محسن غازي نقيب الفنانين إلى الحضور من الفنانين وأصحاب شركات الإنتاج والفننين في عرضهم للتحديات التي تواجههم، ومن هذه التحديات لجان الرقابة التي باتت تتدخل في النصوص بطريقة غير مهنية، بالإضافة إلى تحيزها لبعض الشركات وإقصاء أخرى، كما طالب البعض بدعم شركات الإنتاج وإصدار تشريعات حقيقية لدعم السينما والدراما.
كما توقف البعض عند مشكلة التسويق وضرورة استحضار رموز الدراما المؤسسين، بالإضافة إلى التركيز على مقومات العمل الدرامي والمعطيات التي يجب أن يتمسك بها المنتج دون المساس بالقيم الأخلاقية، كما تم التأكيد على منح الفنان السوري الأجر الذي يستحق لإعادة الألق إلى الدراما.
ومن الطروحات التي عرضها الحضور الاهتمام بمضمون النصوص التي تقدم، لأن الدراما باتت سلاحاً إعلامياً مؤثراً، وهي صناعة هامة، وتحتاج إلى رأس مال وتسويق وجودة في الصناعة، ومع ذلك يسعى البعض إلى تسليمها لمستثمر، ربما لا يعنيه الهم الوطني السوري، لذلك يجب الانتباه إلى أن الدراما تسرق من أصحابها وتنهار مؤسساتها.
أما النصوص فقد كان لها النصيب الأكبر من النقاش لأنها العنصر الأساس الذي تقوم عليه الدراما، لذلك على الكاتب أن يكتب بسوية عالية ومسؤولية وبما يتناسب مع القيم الاجتماعية التي ستؤثر على أجيال بأكملها، وخصوصاً أنهم يكتبون في مرحلة فيها حرب على القيم، فالفنان السوري كان رائداً ويجب أن يبقى رائداً، وهو من أسس للدراما في ظروف استثنائية.
وبين حبيب سلمان المدير العام للإذاعة والتلفزيون أنه لم يلمس جديداً في الطروحات التي قدمت، فهي تتكرر في كل اجتماع يتحدث عن الدراما.
وأضاف: صناعة الدراما تعاني من أزمة نص وأزمة ثقة، ومن الأهمية بمكان العمل على تحصين هذه الصناعة، ولطالما تفوقت الدراما منذ تأسيسها، ولم تتوقف يوماً عن الجرأة والحرية، والسقف هو احترام العقل والقيم والذات السورية، ونحن مستعدون لتمويل من يعمل للوصول على أهداف نبيلة.
وفي رده على المداخلات بين الفنان محسن غازي نقيب الفنانين أنه في غياب الثقافة تحول المنتج إلى تاجر، وطلب أن تستبدل لجنة الرقابة بدائرة التقييم الفكري، وتضم هذه الدائرة مجموعة من النخب القادرين على تقييم النص، فليس الموظف هو الذي يقيم.
ولفت إلى بعض الأعمال الدرامية التي تغيب عنها المسؤولية القانونية، وخصوصاً الأعمال التي تكرس مفهوم الكراهية بعيداً عن التقييم الفكري، وأصر بدوره على وجود استراتيجية وطنية لصناعة الدراما، ويجب على الدولة أن تفرض شروطها في هذه الاستراتيجية خدمة للمجتمع السوري، لأن الدراما قد تخلت عن دورها في الارتقاء بالمجتمع السوري وانتصرت لرأس المال، رغم أن الحياة فيها السلبيات والإيجابيات، فلماذا نكرس السلبيات، ولماذا يغيّب مفهوم المواطنة والانتماء الوطني.
وقدم بدوره بعض التوصيات وأهمها وضع استراتيجية عامة للدراما، والعمل على تنوع أشكال القوالب الدرامية واعتماد قوالب أخرى، بالإضافة إلى الاهتمام بأعمال الأطفال والرسوم المتحركة التي تنافس فيها الأعمال المستوردة، واعتماد تقييم فكري للنصوص الدرامية.